مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   الأخبار الثقافية وعروض الكتب (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_264.html)
-   -   "عطارد " رواية محمد ربيع جحيم في يد الجميع (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_494757.html)

معرفتي April 30, 2016 08:09 PM

"عطارد " رواية محمد ربيع جحيم في يد الجميع
 
"عطارد " رواية محمد ربيع جحيم في يد الجميع

https://up.ibtesama.com/upfiles/ajg36308.jpg

عطارد محمد ربيع

أحمد ندا

هناك روايات جيدة، روايات واسعة الانتشار، قليلة جدا هي الأعمال التي نالت الحسنيين: الانتشار الجماهيري والاستحسان النقدي. واحدة من هذه الروايات هي رواية عطارد للروائي محمد ربيع.
عطارد هي الثالثة لربيع بعد "كوكب عنبر" و"عام التنين"، في أعماله الثلاثة يبدو الحدث السياسي وتاريخ مصر الحديث هاجسا ملحا، لكن المغامرة الروائية كبيرة في تحويل أحداث مازالت طازجة إلى عمل سردي وإعمال مفك الخيال الروائي في الحدث، يضع كاتبه أمام تحد كبير مع قارئه الذي لن يقدر إغفال الواقع.
التحدي في عطارد كان أكثر قوة ومغامرة، خاصة أن الرواية تقطع خطها الزمني، بين الحاضر والمستقبل والماضي، على طريقة تارانتينو، دون التزام بخطية الزمن، ليتحرك الزمن وفق الحدث لا العكس.
تتبدى الثورة كحدث مركزي في خلفية للبناء السردي، حيث تسير الحكاية إلى المستقبل القريب، من وجهة نظر ضابط بالداخلية اسمه أحمد عطارد ومهارته الأساسية هي "القنص" فيما يظهرالماضي لتأصيل الفكرة الهاجس في الرواية في حكاية تبدو منفصلة الصلة بالحكاية الأساسية للضابط القناص، ثم حكايات متفرقة شديدة العنف على هامش رواية الضابط، يحكمها جميعا فكرة أساسية "نحن نعيش في الجحيم" في الماضي والحاضر والمستقبل كذلك.
كل من قرأ الرواية، أصابه شيئا من جحيمها المحكم، رواية تحفز الاكتئاب سوداوية بامتياز، لكنها -على ذلك- حققت انتشارا جماهيريا كبيرا، إذ انتهت 4 طبعات منها في أقل من عام.
نجاح عطارد يعيد طرح سؤال قديم حول الثنائية التي لا ينتهي الجدال حولها الجماهيري/النقدي. يعتبر أدورنو العمل الفني انعكاسا ماديا للواقع الاجتماعي السائد، ولذلك فهو لا يعبر عن طبقة ما، لأنه تعبير عن الكون الانساني. وإذا كانت ملكة الفن هي التخيل، فعلى المرء أن لا يطالب بالتعبير عن طبقة معينة، وإلا تخلى الفن عن التخيل الذي هو في ماهيته غير واقعي، في حين أن الطبقة هي مبدأ فعال في الواقع. وبحسب أدورنو، فإن ملكة التخيل في الفن تربط بين الحساسية وعالم العقل، وعندما يتخلى الفن عن التخيل فإنه يتخلى أيضا عن الجمالي، الذي يفصح عن نفسه في الاستقلال الذاتي للفن ويسقط في الأخير في أسر الواقع، الذي يسعى الفن إلى فهمه وتجاوزه، وبالعكس فان التخلي عن الجمالي يعني التنازل عن المسؤولية في خلق الواقع الآخر من داخل الواقع القائم. التخيل عند أدورنو هو عملية عقلية لها قواعدها وقيمها ووظيفتها الإدراكية، التي تقود الى عالم الفن الذي يخفى وراءه الصورة الجمالية والانسجام الحسي والعقلي الذي يكتبه الواقع المعيش. ومن هنا تظهر مسؤولية الفنان في محاربة التشيؤ والتسلط والقمع.
بمعايير أدورنو، يمكن القول إن رواية "عطارد" نجحت أن تستخدم الواقع المعاش كعنصر من عناصر البناء السردي الخيالي، باجتراح عالم جديد، يبدو واقعيا من فرط إحكامه، كابوسيا في توقعاته، يجد كل قارئ -على اختلافاتهم- معطى جماليا وانسجاما خاصة. وقليلة هي الأعمال التي استطاعت أن تصل إلى الجميع، كل التنميات للروائي محمد ربيع في حصد الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" في نسختها التاسعة.


الساعة الآن 01:40 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر