الموضوع: طلب كتاب
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم March 27, 2009, 10:02 AM
 
رد: طلب كتاب

كتب أمير طاهري


في هذا الكتاب، الذي يحمل عنوان «تواريخ الرقابة على الأدب العالمي» يقدم ثلاثة مؤلفين أميركيين الكتب ال 120 الأكثر شهرة من بين الكتب المحظورة، بل التي أحرقت في اطار مبررات مختلفة. ويعرض المؤلفون الكتب المحظورة في أربع فئات: سياسية ودينية وجنسية واجتماعية. وتتضمن كل فئة 30 كتابا تعرض في شكل خلاصة يعقبها تاريخ موجز عن الحظر أو التقييد أو فرض الرقابة عليها.

ما الذي يجمع بين ماركس وهتلر ومارتن لوثر كنج والماركيز دي ساد؟
ربما تقولون: ليس الكثير بقدر ما يتعلق الأمر بتواريخهم ومعتقداتهم الشخصية، غير أنهم يشتركون في شيء واحد: فالثلاثة منعت كتبهم في وقت معين أو آخر من جانب حكومات وسلطات تخشى تأثير الكلمة المطبوعة.
يصل عدد الكتب الممنوعة في التاريخ الى عشرات الألوف حيث يعود تاريخ الحظر الى بداية ظهور الأدب المطبوع. فطاغية سرقوسة، الرجل الذي شغل افلاطون ثم غضب منه فباعه كعبد، منع جميع كتابات سقراط قبل حوالي 2500 سنة. وفي القرن الرابع عندما تحول الامبراطور الروماني كونستانتين الى المسيحية، حظرت الكنيسة كل شيء ابدعه الشعراء والكتاب والفلاسفة الاغريق والرومان ما قبل المسيحية.
كتاب «تواريخ الرقابة على الأدب العالمي» يختار 120 كتاباً يعتبرها الأكثر شهرة من بين الكتب المحظورة. وليس من الواضح سبب اختيار هذه الكتب بالذات من بين عشرات الألوف من الكتب الأخرى التي واجهت المصير ذاته، كما أن حقيقة أن كل فئة محددة بثلاثين كتابا فقط تثير الاستغراب اذا ما اخذنا بالحسبان أن كثيرا من الكتب منعت لأسباب سياسية ودينية أكثر من تلك التي منعت لأسباب جنسية واجتماعية.
والأكثر اهمية أن هناك فرقا بين الرقابة في صيغها المختلفة والمنع الصريح لكتاب. فقد ظلت آلاف الكتب متداولة مع فقدان اجزاء منها نتيجة لمقص الرقيب. وفي جمهورية ايران الاسلامية، على سبيل المثال، هناك ما لا يقل عن أربعة آلاف كتاب متوفرة بصيغة محظورة، وبالتالي فان الحظر الفعلي لكتاب هو خطوة اضافية في الفساد الأخلاقي عندما يتعلق الأمر بمحاولات الهيمنة على الفكر من جانب الأنظمة الاستبدادية، غير انه في هذا الكتاب لا نجد تمييزا بين الحظر الكامل و"التحرير" الجزئي.
وتتمثل المشكلة الأخرى مع هذا الكتاب في أنه مهتم، في الواقع، بدرجة كبيرة بالولايات المتحدة حيث هناك القليل من الكتب التي حظرت فعلا من جانب السلطات. والكتب التي واجهت المشاكل في الولايات المتحدة كانت، غالبا، مستهدفة من جانب المؤسسات الدينية والسياسية وجماعات ضغط أخرى. وفي بعض الحالات أفلحت الجماعات في اقناع محكمة معينة بحظر كتاب معين أو ابعاده عن المكتبات العامة، غير أن الكتب المستهدفة أفلحت، في خاتمة المطاف، في العودة ثانية، وغالبا ما وجدت جمهورا أوسع نتيجة المحاولات التي بذلت لقمعها.
ويشير المؤلفون الى أن الانطباع القاضي بأن الحظر لأسباب سياسية ناجم فقط عن الحكومات، انطباع خاطىء. فأحد المصادر المعروفة للرقابة، في الولايات المتحدة على الأقل، هو نشاط مجالس ادارة المعاهد وجماعات المواطنين ممن يشعرون بالاهانة او الهجوم عليهم من جانب كتاب ويسعون الى ابعاده عن متناول الجمهور. عندما يتصفح القارئ خلاصات الكتب المحظورة فانه قد يندهش من الضجة المثارة بشأن فرض الرقابة عليها أو الحظر الكامل. فرواية غوته «آلام فيرتر»، على سبيل المثال، تبدو الان مثل رواية عن هذيان شاب قاصر تشتمل، بغض النظر عن كونها مأساوية، على امكانية كوميدية واضحة. ومع ذلك فان الكتاب حظر في زمنه لأنه، كما زعمت السلطات، يشجع الشباب الألمان على تقليد فيرتر وارتكاب الانتحار.
وبعد قرنين تقريبا جاء دور «الناقوس الزجاجي»، وهي رواية صغيرة كتبتها الشاعرة الأميركية سلفيا بلاث، لتمنع في اماكن كثيرة لأنها تشجع، افتراضا، الشابات على الانتحار. ومرة اخرى عندما يقرأ المرء الخلاصة قد يتساءل عن سر اعتقاد البعض بأن كتاب بلاث خطر.
وماذا عن المحاولات التي جرت عبر القرون لمنع كتب دينية أساسية مثل الانجيل والقرآن؟ ان كل من يعتقد أن الناس يمكن ان يتوقفوا أن يكونوا مسيحيين او مسلمين لأنهم لا يمتلكون سبيلا الى النصوص الأساسية، لا بد ان يكون قد اساء فهم الروح الانسانية. فقبل سنوات عندما زار كاتب هذا المقال الصين التقى بعدد من المسلمين الحافظين عن ظهر قلب السور المختلفة للقرآن، وهم بذلك يلحقون هزيمة بالحظر المفروض على الكتاب من جانب السلطات الشيوعية.
واثناء فترة محاكم التفتيش نظمت الكنيسة الكاثوليكية احتفالات علنية كثيرة لاحراق الكتب. وكانوا يسمون هذا «فعل ايمان!». وفي بعض الأحيان لم تكن محاكم التفتيش مقتنعة بإحراق الكتاب وحده بل ذهبت ابعد وأحرقت المؤلف ايضا. واصبحت ساحة كامبو دي فيوري (حقل الزهور) الشهيرة في روما مكانا للقاءات احراق المؤلفين التي تنظمها محاكم التفتيش. وكان احد اشهر من أحرقوا الفيلسوف غيوردانو برونو الذي يتحدث المؤلفون عن أحد كتبه في هذا الكتاب.
ويشخص المؤلفون الكنيسة الكاثوليكية باعتبارها المؤسسة الأكثر مسؤولية عن حظر الكتب خلال ال 1700 سنة الماضية. ولم يكن الحظر مقتصرا على نصوص الأديان الأخرى، بما في ذلك التلمود والقرآن، وانما يتسع ليشمل فعليا كل الادب الغربي الذي سبق المسيحية.
ولكن هل هذا التشخيص عادل؟ من الصعب قول ذلك. اذ انها كدين رسمي منذ القرن الرابع، غالبا ما استخدمت المسيحية كأداة للسلطة من جانب الدولة. وكلما اقام الدين تحالفا مع السياسة انتهى الى ان يكون الخاسر، وفي الوقت نفسه يواجه اللوم في تطرف السلطة السياسية.
نجد في الكتاب أعمالا لعدد من الكتاب المعاصرين المسلمين بالولادة. وأحدهم الكاتب البريطاني سلمان رشدي الذي اثار كتابه «آيات شيطانية» ضجة كبيرة في اوائل التسعينات. وهناك الروائية البنغلاديشية تسليمة نسرين التي اهدر دمها بسبب روايتها القصيرة «العار». ولكن ربما كان الأكثر اثارة للاهتمام قضية فاطمة المرنيسي، الأكاديمية المغربية والناشطة في مجال حقوق النساء، التي ما يزال كتابها «الحجاب ونخبة الرجال» محظورا في الكثير من الدول الاسلامية. وفي عام 2003 اعتقل مترجم ومحرر وناشر كتاب المرنيسي في ايران، وحوكم وحكم بالسجن لمدة ست سنوات، في وقت كان الرئيس محمد خاتمي يقدم مواعظه حول «حوار الحضارات».
وأولئك المهتمون بالجدل الذي اثاره نكران الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لوجود الهولوكوست سيهتمون بمعرفة انه اقام وجهة نظره اعتمادا على واحد من الكتب ال 120 المحظورة المشار اليها هنا. والكتاب المعني هو «خدعة القرن العشرين» للأكاديمي البريطاني آرثر بوتز. وهذا الكتاب المنشور في عام 1975 جرى حظره في كثير من الدول، وبينها بريطانيا والولايات المتحدة ولكنه متيسر في المانيا وكندا وجمهورية ايران الاسلامية.
في معظم الحالات تنتهي الكتب المحظورة الى اطلاق ضحكتها الساخرة ممن فرضوا عليها الرقابة. فقد قام ماوتسي تونغ، المستبد الشيوعي الصيني، بحظر «مختارات» كونفشيوس وأمر بمصادرة جميع النسخ واحراقها، غير ان «المختارات» عادت لتتوفر فعليا، في كل بيت صيني بينما استعادت الكونفشيوسية مكانتها كنموذج بالنسبة للشعب الصيني. غير ان ماو تلاشى وما من أحد تقريبا يقرأ كتابه الصغير عديم الأهمية «الكتاب الأحمر» في هذه الأيام.

ويقدم ألكساندر سولجنتسين، الكاتب الروسي الكبير الذي ما زال على قيد الحياة، حالة اخرى. ففي عام 1973 جرى حظر كتابه «أرخبيل الغولاغ» وطرد، هو نفسه، من الاتحاد السوفياتي. وفي تلك السنة ذاتها أحرز ليونيد بريجنيف، الدكتاتور العجوز، جائزة لينين للأدب، وهي ارفع وسام للكتاب في الاتحاد السوفياتي. وحتى في ذلك الحين كان الجميع يعرفون أن بريجنيف كان عاجزا عن كتابة حرف الى امه ناهيكم عن انتاج أدب. وما من أحد يقرأ بريجنيف اليوم، بينما ضمن سولجنتسين لنفسه مكانة في الأدب الكلاسيكي الروسي.


ان على اولئك الذين يقومون بقمع اعمال الأدب والدين والفلسفة ان يقرأوا هذا الكتاب الذي يحتوي على الكثير من المعلومات المفيدة. فربما يقنعهم بأن الرقابة لا يمكن أن تفعل فعلها.


__________________