عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم November 30, 2008, 06:39 PM
 
رد: الشحاذ-نجيب محفوظ

في رواية الشحاذ مرة أخرى يثبت نجيب محفوظ
انه اكثر الروائيين تقدمية في طرح قضية الله
من وجهه نظر تؤمن بالله والانسان معا ,
ويصف مشكلة الإيمان بانها مشكلة الانتماء للعالم
والتزام به ومشاركة في صياغته
على عكس لاهوت صوفي شرقي قديم يفترض ان الله والعالم
على طرفي نقيض.
والطريق هنا عكسي فعمر حمزاوي مناضل اشتراكي سابق
وكانت حياته مليئة بكل المعاني
وكان شاعرا لكنه بعد 20 عاما
اصبح محاميا ناجحا ومترفا ومترهلا يعاني
عدم الرغبة في اي شيء ،
يربطه خروج صديقه المناضل عثمان خليل
من السجن بالماضي ليستيقظ ضميره
ويبدأ الهرب من ماضيه ،
ومن ثم يكتشف قصائد لابنته بثينه تثبت له أنها عاشقة ،
لكن لمن ؟؟
لمن تصفه بأنه
((ذو الجمال الذي سحاب أنفاسه ,والشمس مرآته ،
والذي تتمايل الاغصان شوقا اليه ..
وبأنه غايه كل شيء وسر الوجود ))
وبعد التحقيق معها تقول له انك أنت كنت تعشقه ايضا
وتريه ديوانه القديم ..
لكن روحه الان خامدة فارغة ولاتفرز الا الضياع
أو بلفظ أخر مفرغة ،
ويفكر بالخلاص عن طريق تجديد النشوة القديمة
ويبدأ بتسول النشوة
على عمى بصيرة في الملاهي والبارات
الى أن تتكشف له حقيقة في ليلة خلوة عند الهرم
حيث ملأته ثقة لا عهد له بها
ووعدته بتحقيق كل شيء ولكنه لا يريد ان يطلب شيء
ترامت الدنيا تحت قدميه كحفنه تراب ..
ويتحول بعد هذه اللحظات من منتم الى العالم
منغمس فيه الى منسلخ عنه هاجر له ,
ويحاول صديقه عثمان
(والذي تزوج ابنته بثينه رغم فرق السن ليدلل محفوظ
على ارتباط النضال بالشعر )
أن يثنيه ويدله على الطريق ويقول له :
عندما نعي مسؤوليتنا حيال الملايين
فاننا لا نجد معنى للبحث عن ذواتنا .. !!
وعلى لسان عثمان يهجو محفوظ المتصوفة
الذين يتخذون القلب طريقا الى الرب واداة
لمعرفة سر الحياة والموت :
- - لن تبلغ أي حقيقة الا بالعقل والعلم والعمل
- لكن عمر حمزاوي لا يلومه فهو لم يشهد نشوة تلك الثواني
عند الفجر ؟
والتي حتى هو لا يملك لها الا ذاكرة محطمة
- ويحاول ان يهجر العالم الى اللاشيئ
ولكن هل يستطيع ان يهجر العالم
وإن هجره فهل سيهجره العالم ؟؟
- ما اشبه الباحث عن النشوة في اللاعالم ببقرة
تعلن أنها
(( ستتوقف عن در اللبن حتى تتعلم الكيمياء ))
وقد لا يكون من المستحيل أن يتبختر العقرب
في ثياب ممرضة وان يكون الذئب حارسا للدجاج ؟؟!
لكن يستحيل على الانسان أن لا يكون في هذا العالم ،
وعندما تصيب الحمزاوي رصاصة الموت
يتذكر بيت الشعر
(( إن لم تريدني فلماذا هجرتني )) .
- إن الرسالة الاهم التي يوصلها محفوظ هنا :
ليس الطريق للإيمان في ان نهجر العالم
وعندما هجر الحمزاوي العالم كان قد هجر الله أيضا .

.
__________________
للزيارة والإطلاع والتواصل
.