عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم November 13, 2008, 03:54 AM
 
Lightbulb "وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكه فقال انبئوني بأسماء هؤلاء"فمن هم هؤلاء ....؟؟

فمن هؤلاء الذين لاتعرفهم الملائكه؟؟؟؟؟!!!!!
﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاءمن هم هؤلاء؟!.
صلاح الدين إبراهيم أبو عرفة
_ إنها سورة البقرة, وفاتحة العلوم والأحكام, وفيها ما فيها من الإشارات لأول الخلق والتكوين, وفيها بانفراد, نبأ الساعات الأولى التي سبقت القضاء بآدم, ذلك الحدث الحاسم الذي نمر عليه هكذا, دون واجب تفكير لائق.


ذلك أن الأمر كان أول ما كان, من الله, وكان هذا بذاته كافياً أن نقف عنده لنسأل: لِمَ؟!.
وهذا سؤال المؤمن بربه وحكمته وتدبيره, لا سؤال المنكر الجاحد, ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ؟.
لنرجع إلى مبدأ سؤالنا, ولنقل أسئلتنا!.
- ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً فلماذا الأرض؟, ومن للسماء؟.
- ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء من هم هؤلاء الذين عرضهم الله سبحانه؟

- ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ماذا ادّعى الملائكة حتى يُدعَوْ إلى بينة صدقهم؟. ثم إن سياقها البشري-أي لو كنا نحن المتكلمين- أن تكون: إن كنتم تعلمون؟.
- ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ, ألم يشهد الملائكة من قبل من قدرة الله مما يثبت العلم لله, ما هو أعظم من سرد آدم لأسماء هؤلاء؟, فماذا وراء هذا السرد من آدم, وهذا الاثبات –الآن- من الله؟.

ماذا تقول كتب التفسير؟
قبل أن نجيب, نمرّ على ما وصلنا من أقوال المفسرين من قبل, وسبق وقدمنا أن هذه الأقوال, إنما هي آراء يصيب بعضها, ويخطئ بعض, ما لم تتصل بسند إلى النبي المعصوم محمد عليه الصلاة والسلام, ولا تصل بحال لتتعلق بذات النص فتتلبس به, ويصبحا سواءً!, فكلام الله شيء, وآراء التأويل شيء آخر, لا يحق لأحد أن يحمل الناس عليها!.
وجمهور المفسرين على ما ينسب إلى ابن عباس رضي الله عنهما, -على افتراض صحة النسبة- من أنها أسماء الأشياء كلها, حتى القصعة والملعقة, والفسوة والفسية, والضرطة والضريطة!, فهي عندهم أسماء المخلوقات كلها, ما كان وما سيكون!.
ومنهم من ذهب إلى أنها أسماء الملائكة, أو قد تكون أسماء النبييين من ذرية آدم!. ثم ذهبوا فيها نحواً من عشرة مذاهب, كلها ظن لا ثابت فيه!.
وسبق وقدمنا من قبل, أننا في هذا الدين لا ندين لقيل وقال, ويرى فلان!. فما لم يقل به النبي محمد عليه الصلاة والسلام فليس بدين, بل هو قول وحسب, لنا أن نؤمن, ولنا أن لا نؤمن, ما لم يأتنا عن ببينة!.
أقوال المفسرين واختلافاتهم, لا تتفق مع ظاهر النص والسياق!.
إذا نظرنا في قول الأكثرين, اعترضنا كثير من التساؤل والاضطراب.
أولها: أن ضمائر الخطاب, لا تتحدث عن جمادات, أو مخلوقات منثورة, بل هي عواقل ظاهرة {ثم عرضهم}, {أنبئوني بأسماء هؤلاء}, {أنبئهم بأسمائهم}, {فلما أنبأهم بأسمائهم}, فلو كان تأويل الجمهور صحيحاً, لكانت الصياغة هكذا: وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضها على الملائكة, فقال أنبؤني بأسماء هذه إن كنتم صادقين.... قال يا آدم أنبئهم بأسمائها, فلما أنبأهم بأسمائها..!.
فمن منا يعرض ألف شيء مختلط مختلف, ثم يقول: احصوا لنا هؤلاء الأشياء؟.
وحتى إن كانوا ألف إنسان, وألف دابة, وألف قصعة, فلا يستوي البتة أن يشير أحد إليها جميعهاً فيسألنا: من هؤلاء؟, وهو يريد الجميع المنظور. فلا يستقيم أن تدخل الدواب والنباتات والجمادات تحت هؤلاء!.
هذا إلى جانب اضطراب التأويل مع سياق الموضوع, وارتباطه بما قبله وما يليه من الآيات والمبنيات والمتتاليات على ما جرى بعدها. فلا يعقل أبداً أن الملائكة لا تعلم من المعروضات شيئاً, وهي لتوها تقول: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء، فالأرض وما فيها, والدماء وسفكها, كانت معلومة عند الملائكة, قبل أن يخلق آدم, بشاهد هذه الآية!.
ثم أن كانت الأسماء كلها, تجمع الأشياء كلها, -كما يُروى-, لوجب أن يكون الملائكة المسئولون ضمن هذه الأشياء نفسها, ولوجب عليها أن تعلم أسماء أنفسها هي, على أقل القول!.
إلا أن يكون ما بدا للملائكة مما عُرض عليهم شيئاً لا تعلمه البتة, ولم تره من قبل, بل إن سياق سؤال الله لهم, يوحي ابتداءً, بأنهم لا يعلمون, ولن يعلموا!, فما هو, وماذا يكون؟!.
ولا يبعد أبداً, بل هو الأوْلى, أن يكون آدم عُلّم أسماء ما قد يخطر له في معيشته وأمره, ليتخاطب بها من بَعد, بشاهد قول الله ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ , عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) سورة الرحمن, ثم بشاهد ما ثبت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم, حديثه عن أول خلق آدم –فتدبّره جيداً- قال: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ, فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ, فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِ اللَّهِ, فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ يَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ: يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلاَئِكَةِ, إِلَى مَلإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ, فَقُلِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ, فَذَهَبَ, قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ, ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ, فَقَالَ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ وَبَنِيهِمْ, وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ!, فَقَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّى وَكِلْتَا يَدَىْ رَبِّى يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ, ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ, فَقَالَ: أَىْ رَبِّ, مَا هَؤُلاَءِ؟, قَالَ هَؤُلاَءِ ذُرِّيَّتُكَ, فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ, وَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ, أَوْ قَالَ مِنْ أَضْوَئِهِمْ, لَمْ يُكْتَبْ لَهُ إِلاَّ أَرْبَعُونَ سَنَةً, فَقَالَ: أَىْ رَبِّ زِدْ فِى عُمْرِهِ!, قَالَ: ذَاكَ الَّذِى كُتِبَ لَهُ, قَالَ: فَإِنِّى قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِى سِتِّينَ سَنَةً, قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ, قَالَ: ثُمَّ اسْكُنِ الْجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اهْبِطْ مِنْهَا». فانظر في الحديث جيداً, وانظر إلى حال الملائكة الجلوس, ثم انتبه إلى أن آدم تكلم بالبيان من أول نفخ الروح, ثم سمع كلام الله وأمره, فوعاه, ثم قال للملائكة ما قال, فردوا عليه, وزادوه كلمة, فانتبه أنهم ليسوا بجهلاء, ولا غافلين, ثم خيره الله بما خيره به, فقال: أَىْ رَبِّ, مَا هَؤُلاَءِ؟, فلم يعرف من هم هؤلاء, وهم بنوه وذريته!, بل إن الذي لفت نظره كان نبي الله داود, فكيف يعرف أسماء كل شيء, ولا يعرف اسم نبي عظيم, هو ابنه, وخليفة مثله كذلك, وهو يعرف الفسوة و الفسية كما يقولون!؟.

أما الآية التي نحن بصددها ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا, فيظهر أنه شيء عظيم آخر, استنفر الملائكة, واستثار سؤالها واهتمامها, فما هو؟.

ولا بدّ قبل كل شيء, أن نلفت وننبّه, إلى العلاقة الظاهرة المفروضة, بين الفساد وسفك الدماء, وبين الأسماء!, فما عليه أكثر المفسرين, لا يطّرد أبداً مع هذين المتعلّقين!, بل يتناقض معهما أيما تناقض, فالأسماء عندهم أول لازم للعلم؛ والعلم عندهم, أول لازم لالإعمار والخلافة, بينما الأسماء من سياق الآيات, متعلّق الفساد والدماء, فانتبه!.

وإذا رفضنا التأويل المشهور لاضطرابه مع السياقين السابق واللاحق, وجب علينا نحن -إن تقدمنا بفهم ما-, أن نأتي بتأويل مضطرد يسد خلل اضطراب التأويل الأول. فأيّما فهم مطروح, وجب أن يأخذ بأطراف السياق والدلالات والمقاصد, ليشدها جميعا بعضها إلى بعض, لنخرج بصورة متسقة من أولها إلى آخرها.

كيف نفهمها إذا؟.

فالآيات من أول السورة, جاءت لتفصل بين المؤمنين وبين الكافرين, بين المصلحين والمفسدين في الأرض, وتلكم هي مناطات الاستخلاف في الأرض, ﴿وَإِذَا قِيلَ لهمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) سورة البقرة.

فهذه هي المرتكزات والاُصول الأولى.. من يؤمن ومن يكفر!.
والإيمان والكفر محور الدين كلّه!. والاسماء محور الكفر والإيمان!.
فالأمر كله على الأسماء, فلن يعقل أنها مجرد اللغة كما يزعمون, فهل كانت الملائكة بكماً لا ينطقون!؟.
ثم تسترسل الآيات حتى تصل إلى ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) سورة البقرة ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) سورة البقرة ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) سورة البقرة,

فانسياب السياق ابتداء من الإيمان والكفر إلى الاستخلاف في الأرض جلي لِعيان.
ثم ما تلبث القصة أن تصل إلى هذا الأصل الأول مباشرة بعد هبوط الفريقين الضدين إلى الأرض ليوصي الله بهذا الأصل مرة أخرى ﴿قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَليهمْ ولاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) سورة البقرة
ولكن ترى كثيراً من المفسرين, لا يبنون موضوعاً موحداً لتأويل مشكل ما؛ كأن يقول أحدهم في معرض تأويله لأسماء هؤلاء: هي أسماء الأشياء, ثم لا يبني ما يرى على السياقات والمباني المشتركة للسورة نفسها, أو يقول: هي أسماء النبيين, -وقد تبيّن بطلانه- هكذا دون بناء موضوعي, ولا إسناد دلالي, يشد مذهبه ويقنع سامعه, بل قول بظن وحسب!, ولا تتورع بعض كتب التفسير أن تفسح محلاً, لمن قال: هي أسماء النجوم!!. ثم تنغلق دائرة كتب التفسير على الغث والسمين, دونما استيعاب لجديد ذي بينة!. فهذا ما لا يصلح أن يكون تأويلاً, مهما علا شأن قائله من دون النبي صلى الله عليه وسلّم.
فمن هذا الباب نلج أية الاستخلاف, وبهذا المفتاح نفتح مكامنها, ونحن مطمئنون مستندون إلى شديد, ذلك هو السياق والبناء الموضوعي, الذي لا يخلو منه كلام عامة الناس, عدا أن يخلو منه كلام الرب الحكيم.
عود على بدء
﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ!, وماذا كانت دعوى الملائكة التي تلزمهم بينة الصدق؟
الملائكة بنص الآية ادّعوا ادعاءين, ﴿قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ويَسْفِكُ الدِّمَاء, وهذه هي الاولى, ثم ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ, وهذه الثانية.

أما الأولى, فما جرى بعد هبوط آدم إلى الأرض, فقد كان بينة على صدقهم, إذ ما لبث أن سفك ابن آدم دم أخيه!, فها هو السفك, وها هو الإفساد, فهذه مضت وبان صوابهم بها.

وأما الثانية, فهي موضع الحدث والحديث,﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ, ولعل في تقديمهم لأنفسهم في ملأٍ لا يعرف إلا الله أصلاً, ولا يملك خِيَرَة أمره, فلا يكفر ولا يعصي, لعلّ هذا ما استوجب مراجعة البيّنة؟!.

فالمخلوق الجديد على خلاف هذا كله, ومحل ميدانه خلاف ما هم فيه تماماً, ولذلك جاء الجمع بين الخليفة وبين الأرض!, فوضح أن ما اُعدّ له, شيء غاب عن شهادة علم الملائكة, بما أبطل محل ظنهم ودعواهم وسباقهم!.

فالملائكة بالإجماع لا تعصي الله, وهي لا تطيعه باختيار, بل هي مفطورة مجبولة على الطاعة لله, فهي ملائكة من جذر المُلْك, ولذلك ليس لها ثواب ولا عقاب, ولو كانت مختارة لجوزيت على اختيارها. ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. فعُلم بذلك أن الأسماء هي ذاتها المتعلق الأصيل في الفارق بين الملائكة وآدم!, أي أن الأسماء تتعلق في ذات الاختيار بين الكفر والإيمان, الذي فُطر في آدم دون الملائكة, ولا علاقة لها باللغة من قريب أو بعيد!؟.

فالرجل –آدم-, تكلّم من أول نفخ الروح فيه, كما مرّ معنا في الحديث, ولم يكن في ذلك شيء تستغربه الملائكة, بل هم زادوه كلاماً, ولكن الأسماء شيء كبير آخر, متعلق بالفساد وسفك الدماء, من يوم هبوطه إلى الأرض, حتى يهدم الناس الكعبة –كما صحّ في الحديث-, ويرمي يأجوج ومأجوج السماء بالسهام, فتُردّ لهم مغموسة بالدم!!.

ألا يكفي أن ننتبه إلى تركيز الملائكة على الدم والفساد, حتى يفصل بينهم بالأسماء!؟.

فمن هم هؤلاء؟.

قبل أن نبدأ بهؤلاء, نلفت أن الله أثبتها على أسماء هؤلاء, ولم يقل أنبؤني بهؤلاء, بل المطلوب هو الأسماء, فالأسماء وهؤلاء, هما مادّة الفصل والسؤال!.

والملائكة لا تختار, ولهذا لم يعلموا أسماء هؤلاء, أما المخلوق الجديد, فخلق يختار, وحتى يختار, فله عند الله أن يفطر فيه ويعلمه الخيارين ويهديه النجدين, ثم يسأله ربه ما يشاء, ليختار هو بعدها ما يشاء!.

الأسماء, وما أدراك ما الأسماء؟.

الأسماء في القرآن -بهذا الذكر الصريح- لم ترد إلا في اثنتين, إما بما يراد به الله الأحد ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) سورة الأعراف, وإما بما يراد به الأنداد وما يعبد من دون الله عموماً.

﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم (71) سورة الأعراف.

وكما ذكرنا آنفا, فالأسماء في كتاب الله لا إله إلا هو, واحدة من اثنتين, إما أسماؤه هو, أو أسماء الأنداد التي يتخذها الكافرون المختارون لأفعالهم, الذين افتتحت سورة البقرة عليهم وعلى نقيضم من المؤمنين.

فالأسماء الحسنى التي لا تنبغي إلا للرب الواحد لا إله إلا هو, ذُكرت في الكتاب أربع مرات, في الأعراف, وفي الأسراء وفي طه وفي الحشر, وقصة آدم حاضرة صريحة في الثلاثة الأوَل منها.

أما أسماء الأنداد –تعالى الله عن الند والشبيه-, فهي في الأعراف كذلك أولاً, وهذا وحده محل إشارة والتفات, أن تجتمع الأسماء وتذكر أول ما تذكر بضديها, في المحل الواحد, وفي السورة التي تتحدث بالذات عن الفرق بين الفريقين من المؤمنين والكافرين!.

وجاء ذكرها على لسان هود ﴿أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم (71) سورة الأعراف, وفي يوسف ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم} (40) سورة يوسف, وفي النجم ﴿إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم.

ولا عجب نجد الآيات القليلة التي تسبق هذا الحدث العظيم من سورة البقرة, تحذّر وتنفّر من عبادة الأنداد, راجعة بالناس جميعاً، بفريقيهم إلى أصلهم الأول وآبائهم الأولين﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22) سورة البقرة.
فها هي الأنداد, وها هو نهي الربّ الواحد عنها, وها هي حجته فيها علينا, ﴿وََأَنتُمْ تَعْلَمُونَ، فهي أصل الفطرة الأولى , والعلم الأول من لدن أبينا آدم ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا!.
وآيات سورة الأعراف تسند ما نقول بسند قوي صريح ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) سورة الأعراف. ففي تأويل هذه الآيات حديث صحيح صريح , يشرح هذا كله: عن ابن عباس عن النبِى صلى الله عليه وسلم قال: «أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ, يَومَ عَرَفَةَ, فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلاً قَالَ: ﴿أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ». وفي هذا الحديث ما فيه من التقرير الواجب, أننا جميعاً قد واثقنا الله ألا نُشرك به شيئاً, بشاهد قول الله ﴿أََوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا, إذ لا يحاججنا الله العادل بهذا, لو كنّا لا نعلم الشرك تفصيلاً!, وفي هذا حجة ودليل أننا نعلم نعمة التوحيد ونعلم شرّ الشرك من فطرتنا الأولى, وإلا, كيف يُحذّرنا الله وينهانا عمّا لا نعلم؟!.وفي هذا ذرعٌ من دليل إلى ما نشير إليه, من أن الأسماء هي أسماء ما سُيعبد من دون الله بغير حق!.

ولعل في قوله المجيد ﴿الأَسْمَاءَ كُلَّهَا, طرفاً من تسويغ لمن ظن أنها أسماء كل الأشياء, أو هي كلّ المسميّات –وانتبه إلى حيرة الكثير, بين قول بعضهم هي الأسماء, وقول بعضهم هي المسميات, ممّا يؤكد الاختلاف والاضطراب, في إدراك مرادها-, فلعل قوله المجيد ﴿ كُلَّهَا هو ما صرفهم إلى الكلّيات الشاملة, بأسمائها أو بمسمياتها!.

وكان يكفي أن نفطن إلى آية سورة طه لنرى أن الأمر لا يتطلب هذا!, ذلك من قوله المجيد ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى, فهل يُعقل أن فرعون رأى كل آيات الله في السموات والأرض, وأحاط بها!؟. وإذا علمت أن الله أرسل موسى إلى فرعون بتسع آيات ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ (12) سورة النمل, فجمعت بين هاتين الآيتين- آية طه وآية النمل-, علمت بعدها أن آيات الله كلها التي رآها فرعون, إنما هي تسع آيات محصورات!. فلا لازم بعدها إلى الانصراف إلى الدلالة الكلّية الشاملة للاشياء!. ولا مانع كذلك أن تكون ﴿الأَسْمَاءَ كُلَّهَا, عدّة أسماء محصورات معلومات, تتعلق بها ما رأت الملائكة من الفساد وسفك الدماء!. أمّا الكلام والبيان وما يلزمه من الألفاظ والتراكيب, فشيء كان في الجبلّة الاُولى لأبينا آدم, ومن لحظة نفخ الروح, بشاهد الحديث الذي سلف معنا!.

فانتبه, وأقم الأمر كله على أن الأسماء هي الفارق الأصيل, بين الملائكة الطائعة المطوّعة, وبين الإنسان المُخيّر بين النجدين, إما شاكراً, وإما كفوراً؛ المُعَدّ لالأرض الدنيا, المُعدّة هي لما ترون وتسمعون, من الدماء والفساد, حتى يكون في آخرها يأجوج ومأجوج المفسدون في الأرض, الذين يرمون أهل السماء بسهامهم التي تُردّ لهم مغموسة بالدم, كما في صحيح الحديث!. ليدور ذلك كله على رحى الأسماء مما لا تعرفه الملائكة, ولا ينبغي لها أن تعرف!.

لماذا أشارت الآية لالأسماء إشارة العاقل, وهي أوثان وأصنام؟.

لعل ممّا لم تجب عليه كتب التفسير ولم يشف سائلاً, هذا السؤال الواجب!.

فكان المفسرون يسألون هذا السؤال, ويقولون فيه على خلاف, وهذا أبلغ دليل أنه عرض مشكل, وإلا لما سأل أحد أصلاً, عدا أن يختلفوا ويتدارأوا فيها!. ثم تأولها من تأولها على ما لا يقنع ولا يرضي, بدليل رفض بعضهم تأويل بعض!.

بيد أن القرآن يكشفها بجلاء؛ فحيثما وردت الأنداد والأصنام في القرآن, اُنزلت منزلة العواقل!, ولعل أجلاها بياناً, ما تكشفه سورة الأنبياء!. فتتبع معنا خطاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام في آياتها, وكيف تأتي بالضمائر عاقلات بما لا يدع مجالاً للشك!.

فتتبعها معنا!.

﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * ‏ فَجَعَلَهُمْجُذَاذاً إِلا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُو قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْهَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءيَنطِقُونَ {65} الأنبياء

ولعل أشد ما يؤازر ما نقول, كلام الله نفسه بضمير العاقل, ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلا كَبِيراً لَّهُمْ, فهي عند الله تماثيل لا تعقل البتّة, ومع ذلك, ذكرهم الله ذكر العاقل بضمير العاقل!.

ثم قول قوم أبينا إبراهيم ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ كالتي في ﴿أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء.

ثم تتابع آيات سورة الأنبياء لتختم على اُصولها الرئيسة من التوحيد ونفي الأنداد, حتى تصل آواخرها على هذه الكبيرة﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) سورة الأنبياء,

وهل أجلى من {هَؤُلاء.. آلِهَةً}؟!.

وبالاعتماد على ما تعضد به سورة الأنبياء ما نقول من أن الأسماء هي أسماء ما سيُعبد من دون الله –لا إله إلا هو–, بالاعتماد على هذا, فهل لنا أن نستشرف تخصيصاً ما لذكر الآلهة في هذه السورة المحور للرسالة والمرسلين, والملّة والدين, أن لا إله إلا الله!؟.
نعم..

فقد ورد لفظ الآلهة -هكذا بصيغة الجمع- فيها أكثر بثلاثة أضعاف مما سواها من السور, بواقع تسع مرات إلى ثلاث في التي تليها!. وهي التي قاربت ختامها على هذه..

﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ
لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ.

ومما لاحظنا أيضاً, أن سورة الأنبياء هي السورة ذات الترتيب الواحد والعشرين في المصحف, فماذا نتوقع أن تكون الآية الواحدة والعشرون في السورة الواحدة والعشرين؟.

إنها هذه الآية ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21) سورة الأنبياء

وهي تختصر البحث كله وتؤكده, من عند قوله المجيد ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً.

فها هي الأرض, وها هي الأسماء التي اتخذها المُستَخلفون آلهة!.

إشارة..

تتبعنا السور التي ذكرت قصة آدم وأمر الله للملائكة بالسجود, فكانت سبع سور: البقرة, الأعراف, الحجر, الإسراء, الكهف, طه, ص. فوجدنا البقرة تختلف عن السور التي معها, أن الله لم يَسِمْ ابليس بالكفر –وهو كافر بربه- إلا فيها, وفي السورة الأخيرة في ترتيب ذكر القصة, أي في سورة ص!, والغريب المتفِق بين السورتين أيضاً, أن الاستخلاف جاء صريحاً في السورتين, فتجتمع السورتان على الاستخلاف وعلى التصريح بكفر إبليس!, واقرأ إن شئت تباعاً, بعد الخليفة في ص﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ.

فهذه هي المجامع الكبرى..

الأرض.. الخليفة.. ثم على مؤمن مصلح, أو كافر مفسد..

وليس بينهما إلا الأسماء!.

ثمّ, على ماذا اختتمت سورة البقرة صاحبة الأسماء؟.

قلنا في معرض الاستدلال والاعتماد على السياقات والبناء الواحد للموضوع, أن السورة من أولها بدأت تحدّد وتفصل بين فريقين, من آمن وأصلح, ومن كفر وأفسد, واعتمدنا على هذه لتقرير حجتنا بأن الأسماء كانت أساساً في هذا البناء الموحّد لنفي الندّ عن الإله الواحد لا إله إلا هو, وأن مكان الآية في أول القرآن –الآية 31 من البقرة- ليؤكد صدارتها وأصالتها في تقرير ملّة التوحيد القائمة على نفي الند والشريك!.

حتى إذا توالت أدلة التوحيد بتوالي آيات البقرة, جاء ختامها بناء للتقرير العظيم في الخاتمة المهيبة على كثير مما ذهبنا إليه؛ وليتدبر معنا من تدبر!..

﴿لِّلَّهِ ما فِي السَّمَواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ..
أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
ها هي صراحة تختم على الأصول التي ذهبنا إليها, من تأكيد أن الأرض والسماء لله, ولا إله فيهما إلا الله, وعلى الأصل الثاني الذي تفصل فيه الاسماء, بين من يؤمن ومن يكفر!.

ثم ستجد القرآن كلّه, والنبيين والرسل أجمعين, على هذه, بادية كآية النهار, فلا جرم تترأس في أول الآيات والسور, ولا جرم استثقلتها الملائكة, ولا جرم الأمر أشد وأثقل من اللّغة, واسم الحجر والشجر, وما نستحيي أن نعيد ممّا يكتبون!. أكانت ملائكة العليم خرساً بكماً لا ينطقون!؟.

مختصر جامع

فالأسماء -والله أعلم- وكما يظهر لنا من تضافر الآيات, واحدة من اثنتين؛ إما أسماء الله الحسنى, أو أسماء الأنداد وما يعبد من دون الله, ولما كانت الملائكة أعلم خلق الله بالله, وبملكه وخلقه, ولم تعلم البتة أسماء هؤلاء الذين عرضوا عليها, على اعتبار فطرتها القويمة في التوحيد الخالص, ثم لأن الأسماء محصورة خاصة في خليفة الأرض, فالسماء خالصة للتوحيد والطاعة, والأرض للفساد والدماء, ومِلاك ذلك كله الاسماء!, فعرفها المخيّر بين الكفر والإيمان, وبين الأسماء الحسنى والأسماء السوءى!, على ذلك كله, لزم أن تكون الأسماء الثانية أسماء الأنداد, التي يصير المستخلف بها كافراً أو مؤمناً!.

ولا محلّ البتّة لما يذهب إليه كثير من الناس, أنها أسماء الأشياء كلها, وأنها اللغات والألسن, فهل كانت الملائكة بلا منطق ولا لسان؟. وذلك كله لا يقدّم ولا يؤخّر, ولا يستلزم أرضاً ولا استخلافاً, ولا وحياً ولا رسلاً, ولا حرباً ولا جهاداً, ولا صلاةً ولا صوماً!. ألم تسمع ما عند الهدهد والنملة من أسماء الأشياء, وليسا آدميين وليسا مستخلفين؟.

فحسبك اضطرابهم طرائق قِدداً, في أمر تصدّر أول الكتاب, وأول الخلق, واصطبغ بالدم والفساد, لتلعلم أن لا بيّنة لمن قال بما قالوا, وأن الأمر أشد وأثقل ممّا يقولون!.

﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.


منقول....ان شاء الله الكل يستفيد....من النقله

__________________
رد مع اقتباس