عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم September 17, 2016, 04:25 PM
 
رد: الشاعر السوداني إدريس محمد جماع

رحلة النيل
#####

إدريس جماع
$$$$$$$


النيلُ من نشوة الصهباءِ سَلْسلُهُ
و ساكنو النيلِ سُمّار و نُدْمانُ

و خفقةُ الموجِ أشجانٌ تُجاوبها
من القلوب التفاتاتٌ و أشجان

كلُّ الحياةِ ربيعٌ مشرق نَضِرٌ
في جانبيه و كلُّ العمرِ رَيْعان

تمشي الأصائلُ في واديه حالمةً
يحفّها موكبٌ بالعطر ريّان

و للخمائل شدوٌ في جوانبهِ
له صدىً في رحاب النفسِ رنّان

إذا العنادلُ حيّا النيلَ صادحُها
و الليلُ ساجٍ، فصمتُ الليلِ آذان

حتى إذا ابتسم الفجرُ النضيرُ لها
و باكرتْه أهازيجٌ و ألحان

تحدّر النورُ من آفاقه طَرِباً
و استقبلتْه الروابي و َهْو نشوان

****

تدافع النيلُ من علياء ربوتهِ
يحدو ركابَ الليالي و َهْوَ عجلان

ما ملَّ طُولَ السُّرى يوماً و قد دُفنِتْ
على المدارج أزمانٌ
و أزمان

ينساب من ربوة عذراءَ ضاحكةٍ
في كلّ مغنًى بها للسحر إيوان

حيث الطبيعةُ في شرخ الصِّبا و لها
من المفاتن أترابٌ و أقران

وِشاحُها الشَّفقُ الزاهي و ملعبُها
سهلٌ نضيرٌ و آكامٌ و قيعان

و ربَّ وادٍ كساه النورُ ليس لهُ
غيرُ الأوابدِ سُمّارٌ و جيران

و ربّ سهلٍ من الماء استقرَّ بهِ
من وافد الطيرِ أسرابٌ وَ وُحْدان

ترى الكواكبَ في زرقاء صفحتهِ
ليلاً إذا انطبقتْ للزهر أجفان

****

و في حِمى جبل الرجّافِ مُختلَبٌ
للناظرين و للأهوال ميدان

إذا صحا الجبلُ المرهوبُ رِيعَ لهُ
قلبُ الثرى و بدتْ للذعر ألوان

فالوحشُ ما بين مذهولٍ يُصفّدهُ
يأسٌ و آخرُ يعدو وَ هْوَ حيران

ماذا دهى جبلَ الرجّافِ فاصطرعتْ
في جوفه حُرَقٌ و ارتجّ صَوّان

هل ثار حين رأى قيداً يكبّلُهُ
على الثرى فتمشّتْ فيه نِيران

****

و النيلُ مُندفِعٌ كاللحن أرسلَهُ
من المزامير إحساسٌ و وجدان

حتى إذا أبصر «الخرطومَ» مُونقةً
و خالجتْه اهتزازاتٌ و أشجان

و ردّد الموجُ في الشطّين أغنيةً
فيها اصطفاقٌ و آهات و حرمان

و عربد الأزرقُ الدفّاق و امتزجا
روحاً كما مزج الصهباءَ نشوان

و ظلَّ يضرب في الصحراء مُنْسرباً
و حولَه من سكون الرملِ طُوفان

سارٍ على البِيد لم يأبه لوحشتها
و قد ثوتْ تحت سترِ الليلِ أكوان

و الغيمُ مَدَّ على الآفاق أجنحةً
و نام في الشطّ أحقافٌ و غُدران

و الليلُ في وحشة الصحراءِ صومعةٌ
مَهيبةٌ و تلالُ البيدِ رهبان

****
إذا الجنادلُ قامتْ دون مسربهِ
أرغى و أزبد فيها وَ هْوَ غضبان

و نشّرَ الهولَ في الآفاق مُحتدِماً
جمَّ الهياجِ كأنّ الماءَ بركان

و حوَّل الصخرَ ذَرّاً في مساربهِ
فبات و َهْو على الشطّين كُثبان

عزيمةُ النيلِ تُفني الصخرَ فورتُها
فكيف إن مسّه بالضيم إنسان

و انساب يحلم في وادٍ يُظلّلهُ
نخلٌ تهدّل في الشطّين فَيْنان

بادي المهابةِ شمّاخٌ بمفرقهِ
كأنما هو للعلياء عنوان
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك