عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم January 24, 2015, 11:07 AM
 
رد: هذا هو سيد قطب لمن لا يعرفه !!!

هذا الجيش من العملاء موجه لخلخلة العقيدة في النفوس بشتى الأساليب، في صورة بحث وعلم وأدب وفن وصحافة. وتوهين قواعدها من الأساس. والتهوين من شأن العقيدة والشريعة سواء. وتأويلها وتحميلها ما لا تطيق. والدق المتصل على «رجعيتها»! والدعوة للتفلت منها. وإبعادها عن مجال الحياة إشفاقاً عليها من الحياة أو إشفاقاً على الحياة منها! وابتداع تصورات ومثل وقواعد للشعور والسلوك تناقض وتحطم تصورات العقيدة ومثلها. وتزيين تلك التصورات المبتدعة بقدر تشويه التصورات والمثل الإيمانية. وإطلاق الشهوات من عقالها وسحق القاعدة الخلقية التي تستوي عليها العقيدة النظيفة لتخر في الوحل الذي ينثرونه في الأرض نثراً! ويشوهون التاريخ كله ويحرفونه كما يحرفون النصوص!

وهم بعد مسلمون! أليسوا يحملون أسماء المسلمين؟ وهم بهذه الأسماء المسلمة يعلنون الإسلام وجه النهار. وبهذه المحاولات المجرمة يكفرون آخره.. ويؤدون بهذه وتلك دور أهل الكتاب القديم. لا يتغير إلا الشكل والإطار في ذلك الدور القديم!
وكان أهل الكتاب يقول بعضهم لبعض: تظاهروا بالإسلام أول النهار واكفروا آخره لعل المسلمين يرجعون عن دينهم. وليكن هذا سراً بينكم لا تبدونه ولا تأتمنون عليه إلا أهل دينكم:
{ ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } ..

وفعل الإيمان حين يعدّى باللام يعني الاطمئنان والثقة. أي ولا تطمئنوا إلا لمن تبع دينكم، ولا تفضوا بأسراركم إلا لهؤلاء دون المسلمين!


وعملاء الصهيونية والصليبية اليوم كذلك.. إنهم متفاهمون فيما بينهم على أمر.. هو الإجهاز على هذه العقيدة في الفرصة السانحة التي قد لا تعود.. وقد لا يكون هذا التفاهم في معاهدة أو مؤامرة. ولكنه تفاهم العميل مع العميل على المهمة المطلوبة للأصيل! ويأمن بعضهم لبعض فيفضي بعضهم إلى بعض.. ثم يتظاهرون -بعضهم على الأقل- بغير ما يريدون وما يبيتون.. والجو من حولهم مهيأ، والأجهزة من حولهم معبأة.. والذين يدركون حقيقة هذا الدين في الأرض كلها مغيبون أو مشردون!
{ ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } ..
وهنا يوجه الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يعلن أن الهدى هو وحده هدى الله؛ وأن من لا يفيء إليه لن يجد الهدى أبداً في أي منهج ولا في أي طريق:
{ قل: إن الهدى هدى الله } ..
ويجيء هذا التقرير رداً على مقالتهم: { آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون } تحذيراً للمسلمين من تحقيق الهدف اللئيم. فهو الخروج من هدى الله كله. فلا هدى إلا هداه وحده. وإنما هو الضلال والكفر ما يريده بهم هؤلاء الماكرون.
يجيء هذا التقرير قبل أن ينتهي السياق من عرض مقولة أهل الكتاب كلها.. ثم يمضي يعرض بقية تآمرهم بعد هذا التقرير المعترض:
{ أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو يحاجوكم عند ربكم } ..

بهذا يعللون قولهم: { ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } .. فهو الحقد والحسد والنقمة أن يؤتي الله أحداً من النبوة والكتاب ما آتى أهل الكتاب. وهو الخوف أن يكون في الاطمئنان للمسلمين وإطلاعهم على الحقيقة التي يعرفها أهل الكتاب، ثم ينكرونها، عن هذا الدين، ما يتخذه المسلمون حجة عليهم عند الله! -كأن الله سبحانه لا يأخذهم بحجة إلا حجة القول المسموع!- وهي مشاعر لا تصدر عن تصور إيماني بالله وصفاته ولا عن معرفة بحقيقة الرسالات والنبوات، وتكاليف الإيمان والاعتقاد!

ويوجه الله سبحانه رسوله الكريم ليعلمهم -ويعلم الجماعة المسلمة- حقيقة فضل الله حين يشاء أن يمن على أمة برسالة وبرسول:
{ قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم. يختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم } ..
وقد شاءت إرادته أن يجعل الرسالة والكتاب في غير أهل الكتاب؛ بعدما خاسوا بعهدهم مع الله؛ ونقضوا ذمة أبيهم إبراهيم؛ وعرفوا الحق ولبسوه بالباطل؛ وتخلوا عن الأمانة التي ناطها الله بهم؛ وتركوا أحكام كتابهم وشريعة دينهم؛ وكرهوا أن يتحاكموا إلى كتاب الله بينهم. وخلت قيادة البشرية من منهج الله وكتابه ورجاله المؤمنين.. عندئذٍ سلم القيادة، وناط الأمانة، بالأمة المسلمة. فضلاً منه ومنة. { والله واسع عليم } .. { يختص برحمته من يشاء } .. عن سعة في فضله وعلم بمواضع رحمته.. { والله ذو الفضل العظيم } .. وليس أعظم من فضله على أمة بالهدى ممثلاً في كتاب .. وبالخير ممثلاً في رسالة.. وبالرحمة ممثلة في رسول(