عرض مشاركة واحدة
  #102  
قديم May 5, 2013, 04:49 AM
 
رد: صورة وقصة .. مساحة للجميع لنسمع همس الصور وقصصهم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسين حمدون مشاهدة المشاركة




إنقطع النور الكهربائي على القرية .. في ليلة مطيرة مرعبة .. تكاد تقتلعنا فيها الرياح العاتية من جذورنا .. لتعيد توزيعنا من جديد في قعر الوادي المتدفق بالسيل الجارف .. لنلعب مع الحصى نعلوه مرة و يعلونا مرات عدة .. ذلك ما خيل لي و أنا ألقي نظرة سريعة من فتحة صغيرة في نافذة الغرفة .. على ما كنت أسمع عنه يسمونه غضب الطبيعة .. رأيته ليلتها بأم عيني و جدتها أيضا .. تكورت على نفسي .. على طاولة بغرفتي .. و نسيت العالم من حولي تماما .. حتى أفراد العائلة تركتهم لمن هو أرحم بهم مني .. كانت الشمعة الصغيرة تشع بنور خافت متراقص .. لكن هي كل ما يربطني بالوجود .. وضعت قصة فرنسية قديمة كثيرة الأوراق .. أكل عليها الزمان و شرب .. لأن بقايا القهوة و بعض الفلفل الحار مازالت لاصقة بأطرافها .. بدون غلاف يحميها من الأيدي العابثة .. مثلي تماما .. لا غلاف يحمي قلبي .. من كل من رام اللعب به في ملعب العشق الواسع .. كم كانت جميلة تلك الليلة .. رومنسية لحد أسال دموعي .. مثل زخات المطر الحار .. تسعى لتحقيق التوازن بين داخل الغرفة و خارجها .. وبين داخلي أنا المضطرب مثل الهزات الارضية .. قبل البركان .. و أجواء الخشوع الذي صبغت به الشمعة الصغيرة الغرفة بنورها المهتز .. و رائحة الشمع الذائب .. مددت يدي لأعكس النور عليها .. لأقرأ على صفحتها خطوط حياتي .. و مستقبلي في عالم الحب و الحياة .. و سألت الشمعة .. لماذا البكاء يا صديقتي في ليلة الخير هذه التي إنفردت فيها بك دونا عن كل البشر .. قالت دون أن تكفكف دموعها بمنديل أم كلثوم .. أخاف غدرك في هذا الظلام .. فذلك طبعكم يا بني البشر .. ضحكت من بكاءها .. و قلت .. لا تخافي فأنت معي في أمان .. فهل يغدر من كان ضحية غدر الزمان .. زاد بكاءها و زاد خجلي منها .. و شعرت بحر وهجها بين أصابعي .. جمعت بداخلي كل صدق الإنسانية .. و قلت يا شمعتي الحبيبة .. يا رفيقة ورطتي في هذه الليلة المرعبة .. لا تبكي و قري عينا فلن أنساك و لن أتركك أبدا .. فما كدت أنهي كلامي .. حتى عاد النور الكهربائي .. و غمرت الفرحة العائلة في الخارج .. و قلبي في الداخل .. و نفخت في وجه الشمعة المسكينة بزفرة حادة من صدري .. دخلت هي بعدها طي التاريخ و النسيان .. آآآه منا نحن البشر .. لا نقطع الوعود إلا لنخلفها و نكسرها .. و نكسر معها قلب كل من ضحى يوما من أجلنا ...


حسين حمدون
من أجمل ما قرأت هنا بعد قصة راسيم رحمه الله
راااائعة فعلا أخي حسين
__________________



أن تحب أمر على روعته ﻻ يستحق اﻻحتفاء والرضا ..

ولكن ،،

احتفاظك بالحب، قدرتك على اسعاد من تحب،
وقوفك في وجه خوفك، وترددك،
هو الهدف الذي يستحق تحقيقه كل الرضا واﻻحتفاء.

حاربوا من أجل أحلامكم يا سادة، قبل أن يكمل الزمان دورته،
وأنتم في غفلة عن انسحاب اﻷمل من حياتكم ..
قبل أن يصبح كل ما يربطكم بالحب .. بقايا ذكريات .


رد مع اقتباس