عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم January 5, 2011, 01:04 AM
 
رد: الشاعر التونسي محمد الصغير اولاد حمد...(نحب البلاد كما لايحب البلاد احد)

هذا انا..........


* هذا أنا..

رجلٌ بلا جيش ٍ ولا حربٍ ولا شـُهداءَ.
مُنسجمٌ مع اللاّهوت والناسوتِ والحانوتِ.
لا أعداء لي...
وأشكُّ أنّ قصيدتي مسموعةُ وحكايتي تعني أحدْ!

* هذا أنا..

أربُو على الخمسينَ دون مجلـّةٍ. أو ساحة. أو حائطٍ
أبكي عليه (مع اليهود) من العطالةِ في الوجود...
من النكدْ!

* هذا أنا..

أتصفـّحُ الدستورَ. بإسم الشّعب أقرأ ُ. ثمّ أضحكُ.
ثمّ أعذر للعصابة ما تُخطّط – في الظلام – مخافةً من يوم غدْ!.

* هذا أنا..

مُتفرّجٌ، في المسرح البلديّ، منذُ ولادتي،
عن قصّة حَلَزُونـةٍ لا تنتهي.
عنوانُها :
أسطورة الأَحدِ الأحدْ!

* هذا أنا..

مُتنكِّرٌ في جُبّةٍ وعمامةٍ.
أطوي الخلاءَ.
أبا العلاءَ!
أبا العلاء!
لقد جنيتُ على ولدْ!

* هذا أنا..

من أجلِ أن أحيا لأُسبوعٍ أقاتلُ مرّتيْنِ.
وأُقتلُ مرّتيْنِ.
يقولُ لي صَحْبي وأعدائي:
»-تجنّبْ في الكتابةِ ما يدُلُّ على المكانِ
وفي الصّياغةِ ما يصيرُ إلى معانٍ...
وأقتربْ من هذهِ الدنيا كَنجْمٍ يبْتعِدْ«.
- حسنًا:! أقولُ.
وقد فهمتُ من النّصيحة أن أعيش
كأيّ شخصٍ لم تلِدهُ أُمُّه.. ولمْ يلَدْ!!

* هذا أنا..

بكَّرتُ للدّنيا صبيحة َ يومِ سَبْتْ.
كان الفرنجةُ يرحلونَ
ملوِّحينَ بشاراةٍ منْقُوصةٍ من نصْرِها...
وأنا أنُطُّ مع الفراشةِ في حقولِ الأقحوان.
بعْدي، بعامٍ،
إستقلّتْ تونسُ.. الخضراءُ: من جهةِ الشمالْ
هي أمُّ من؟
وأنا أخُوها في الرضاعةِ والمنامةِ والحداثةِ
والتّلكّؤِ.. والسّؤال؟!

* هذا أنا..

أمشي مع الشّعراءَ دون حراسةٍ
في المهرجانِ.. مُسلّحًا بمُترجمٍ
لكأنَّ شعري وهو ظلّي وَاقفٌ
ليسَ التدرُّجَ في صعود السلُّمِ!
والمهرجان عبارة عن مطعمٍ
يأتي الكتابةَ بالملاعق والفمِ!
أمشي.. وأحيانًا أطيرُ.. لأنّني
أهْوى السقوطَ، مع الحَمامِ، على دمي.

* هذا أنا..

لا يقرأ ُ البوليسُ نَصّي في الجريدةِ ناقصًا.
بلْ يقرأ ُ المخطوطَ حِذْوَ مديرِها.
في اللّيل.
قبل توجّعي وصدورها.
وإذنْ : سأكتبُ بالبريدْ
لمن أريدُ.. وما أُريدْ.

هذا أنا..

والعالمُ العربيُّ
في ذيلِ القطارِ
مُقيَّـدينَ
نُسلّم اللصَّ الأخير نُقودنَا،
ونساءَنا،
وحدائق الفرْدوسِ في القرآنِ.
لكنَّ المصوّرَ –غاضبًا- والشمسُ قد غَرُبت،
يُعيد إلى الفضيحةِ ضوْءها وبريقَها.
فنكدُّ في جعلِ الأداءِ ملائما لمُقيّديْنِ (على الأصح مُسَلْسَلَيْنِ)،
يُسلّمون نقودَهم ونساءَهم..
أمّا الدّموعُ.. فلا مجالَ لذرْفِها:
كادتْ تماسيحُ البحيرةِ تكتفي بظلالِنا لعشائِها لولا إنهيارٌ قَرْقع للجسْر كدَّسنا على أفْواهِها..
قبرٌ هو التِّمساحُ،
وقبرٌ بالتّمام وبالكمال وبالمجانْ،
قبْرٌ سابحٌ أو لابدّ أو بينَ بينَ..
لا تنْسَ دوركَ في الرّجوعِ إلى الحياةِ فُجاءةً..
فلربّما لفظتْ تماسيحُ البُحْيرَةِ واحدًا منّا،
بطُمِّ طميمهِ،
ليكُونَ سرْدًا عابرًا للصّمتِ عن تلكَ الفضيحةِ في القطارْ.
رحل القطارُ مُقيَّدًا في بعضهِ،
رحل القطارُ وذيْلهُ مُتقمِّصٌ ما أبْدعَ الحدّادُ والرسّامُ
والنحّاتُ في رأسِ الأسدْ.

* هذا أنا..

فكّرتُ في شعبٍ يقول : نعمْ ولاَ
عدّلتُ ما فكّرتُ فيهِ لأنّني – ببساطةٍ – عدّلت ما فكّرتُ فيه
فكّرتُ في شعبٍ يقول : نعم لـ : لاَ
فكّرتُ في عديدِ الضحايا واليتامى والأرامل
واللصوصْ
فكّرتُ في هربِ الحروفِ من النصوص.
فكّرتُ في شعبٍ يغادرُ أرضهُ
بنسائهِ ورجالهِ
وجِمالهِ وكلابهِ.
فكّرتُ في تلكَ اليتيمة – في الحكومة –
وحدها تستوردُ التصفيقْ
من حفلٍ لسوبرانو يُغنّي للغزالةِ
والعدالةِ والمسيحْ.
فكّرتُ في صمتٍ فصيحْ
مضتِ الحياةُ كما مضتْ
مضت الحياةُ تهافُتًا وَ.. سبهلا
سأقولُ للأعشى الكبير قصيدة في البار،
إن نفذَ الشرابُ، وصاح في ليلِ المدينة ديكُها وغُرابها :
- يــــــــــا ناسُ
ليس هناك – بعدَ الآنَ – غَدْ.


محمد الصغير اولاد حمد.