عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم August 8, 2010, 01:44 AM
 
Cup الفلسفة الاسلامية

الفلسفة الإسلامية مصطلح عام يمكن تعريفه و استخدامه بطرق مختلفة ، فيمكن للمصطلح أن يستخدم على انه الفلسفة المستمدة من نصوص الإسلام بحيث يقدم تصور الإسلام و رؤيته حول الكون و الخلق و الحياة و الخالق . لكن الاستخدام الاخر الأعم يشمل جميع الأعمال و التصورات الفلسفية التي تمت و بحثت في إطار الثقافة العربية الإسلامية و الحضارة الإسلامية تحت ظل الإمبراطورية الإسلامية من دون أي ضرورة لأن يكون مرتبطا بحقائق دينية أو نصوص شرعية إسلامية. في بعض الأحيان تقدم الفلسفة الإسلامية على أنها كل عمل فلسفي قام به فلاسفة مسلمون]. نظرا لصعوبة الفصل بين جميع هذه الأعمال ستحاول المقالة ان تقدم رؤية شاملة لكل ما يمت للفلسفة بصلة و التي تمت في ظل الحضارة الإسلامية.


مفهوم الفلسفة في الإسلام

أقرب كلمة مستخدمة في النصوص الإسلامية الأساسية (القرآن و السنة) لكلمة فلسفة هي كلمة (حكمة) ، لهذا نجد الكثير من الفلاسفة المسلمين يستخدمون كلمة (حكمة) كمرادف لكلمة ( فلسفة ) التي دخلت إلى الفكر العربي الإسلامي كتعريب لكلمة Philosophy اليونانية . و إن كانت كلمة فلسفة ضمن سياق الحضارة الإسلامية بقيت ملتصقة بمفاهيم الفلسفة اليونانية الغربية ، فإن عندما نحاول ان نتحدث عن فلسفة إسلامية بالمفهوم العام كتصور كوني و بحث في طبيعة الحياة : لا بد أن نشمل معها المدراس الأخرى تحت المسميات الأخرى : و أهمها علم الكلام و أصول الفقه و علوم اللغة (راجع : تمهيد في تاريخ الفلسفة الإسلامية ، مصطفى عبد الرازق ).
و أهم ما يواجه الباحث أن كلا من هذه المدارس قد قام بتعريف الحكمة أو الفلسفة وفق رؤيته الخاصة و اهتماماته الخاصة في مراحل لاحقة دخل المتصوفة في نزاعات مع علماء الكلام و الفلاسفة لتحديد معنى كلمة الحكمة التي تذكر في الأحاديث النبوية و كثيرا ما استخدم العديد من أعلام الصوفية لقب (حكيم) لكبار شخصياتهم مثل الحكيم الترمذي. بأي حال فإن لقب (فيلسوف/فلاسفة) ظل حصرا على من عمل في الفلسفة ضمن سياق الفلسفة اليونانية و من هنا كان أهم جدل حول الفلسفة هو كتابي (تهافت الفلاسفة للغزالي و تهافت التهافت لابن رشد .)


بدايات الفلسفة الإسلامية

إذا اعتبرنا تعريف الفلسفة على أنها محاولة بناء تصور و رؤية شمولية للكون و الحياة ، فإن بديات هذه الأعمال في الحضارة الإسلامية بدأت كتيار فكري في البدايات المبكرة للدولة الإسلامية بدأ بعلم الكلام ، و وصل الذروة في القرن التاسع عندما أصبح المسلمون على إطلاع بالفلسفة اليونانية القديمة والذي أدى إلى نشوء رعيل من الفلاسفة المسلمين الذين كانوا يختلفون عن علماء الكلام.
علم الكلام كان يستند أساسا على النصوص الشرعية من قرآن و سنة و أساليب منطقية لغوية لبناء أسلوب احتجاجي يواجه به من يحاول الطعن في حقائق الإسلام ، في حين أن الفلاسفة المشائين ، و هم الفلاسفة المسلمين الذين تبنوا الفلسفة اليونانية ، فقد كان مرجعهم الأول هو التصور الأرسطي أو التصور الأفلوطيني الذي كانوا يعتبرونه متوافقا مع نصوص و روح الإسلام . و من خلال محاولتهم لإستخدام المنطق لتحليل ما إعتبروه قوانين كونية ثابتة ناشئة من إرادة الله ، قاموا بداية بأول محاولات توفيقية لردم بعض الهوة التي كانت موجودة أساسا في التصور لطبيعة الخالق بين المفهوم الإسلامي لله و المفهوم الفلسفي اليوناني للمبدأ الأول أو العقل الأول.
تطورت الفلسفة الإسلامية من مرحلة دراسة المسائل التي لا تثبت إلا بالنقل و التعبّد إلى مرحلة دراسة المسائل التي ينحصر إثباتها بالأدلة العقلية ولكن النقطة المشتركة عبر هذا الإمتداد التأريخي كان معرفة الله و إثبات الخالق ] . بلغ هذا التيار الفلسفي منعطفا بالغ الأهمية على يد ابن رشد من خلال تمسكه بمبدأ الفكر الحر وتحكيم العقل على أساس المشاهدة والتجربة [] . أول من برز من فلاسفة العرب كان الكندي الذي يلقب بالمعلم الأول عند العرب ، من ثم كان الفارابي الذي تبنى الكثير من الفكر الأرسطي من العقل الفعال و قدم العالم و مفهوم اللغة الطبيعية . أسس الفارابي مدرسة فكرية كان من أهم اعلامها : الأميري و السجستاني و التوحيدي. كان الغزالي أول من أقام صلحا بين المنطق و العلوم الإسلامية حين بين أن أساسيب المنطق اليوناني يمكن ان تكون محايدة و مفصولة عن التصورات الميتافيزيقية اليونانية . توسع الغزالي في شرح المنطق و استخدمه في علم أصول الفقه ، لكنه بالمقابل شن هجوما عنيفا على الرؤى الفلسفية للفلاسفة المسلمين المشائين في كتاب تهافت الفلاسفة ، رد عليه لاحقا ابن رشد في كتاب تهافت التهافت .
في إطار هذا المشهد كان هناك دوما اتجاه قوي يرفض الخوض في مسائل البحث في الإلهيات و طبيعة الخالق و المخلوق و تفضل الاكتفاء بما هو وارد في نصوص الكتاب و السنة ، هذا التيار الذي يعرف "بأهل الحديث" و الذي ينسب له معظم من عمل بالفقه الإسلامي و الاجتهاد كان دوما يشكك في جدوى أساليب الحجاج الكلامية و المنطق الفلسفية . و ما زال هناك بعض التيارات الإسلامية التي تؤمن بأنه "لا يوجد فلاسفة للإسلام"، ولا يصح إطلاق هذه العبارة، فالإسلام له علماؤه الذين يتبعون الكتاب والسنة، أما من اشتغل بالفلسفة فهو من المبتدعة الضَُّلال" [].
في مرحلة متأخرة من الحضارة الإسلامية ، ستظهر حركة نقدية للفلسفة أهم أعلامها : ابن تيمية الذي يعتبر في الكثير من الأحيان أنه معارض تام للفلسفة و أحد أعلام مدرسة الحديث الرافضة لكل عمل فلسفي ، لكن ردوده على أساليب المنطق اليوناني و محاولته تبيان علاقته بالتصورات الميتافيزيقية (عكس ما أراد الغزالي توضيحه) و ذلك في كتابه (الرد على المنطقيين) اعتبر من قبل بعض الباحثين العرب المعاصرين بمثابة نقد للفلسفة اليونانية أكثر من كونه مجرد رافضا لها ، فنقده مبني على دراسة عميقة لأساليب المنطق و الفلسفة و محاولة لبناء فلسفة جديدة مهدت للنقلة من واقعية الكلي إلى اسميته .
كلام الطفل في المنام حق وكلام الميت حق وكلام الطير حق ومبشر بنيل سلطان من راى انه يكلم الملك او الرئيس فأنه ينال مرتبة عالية وشرف كبير فلما كلمه قال انك اليوم لدينا امين مكين صدق الله العظيم ومن رأى ملك الموت يجرى وراءه يريد ان يلحق به فهو هالك لا محالة ومن راى ان الشمس عن يمينه والقمر عن يساره او امامه وخلفه فهو هالك ايضا وجمع الشمس والقمر يقول الانسان يؤمئذ اين المفر...صدق الله العظيم --السمك رزق حلال واذا عرف عدده فهو بنون وبنات للرائى والصغير منه رزق يحتاج إلى بعض التعب صفوت عبد القهار الدردير احمد عبد المنعم عاشور -ساقلته


التناقض مع الفلسفة اليونانية

كان مفهوم الخالق الأعظم لدى الفلاسفة اليونانيين يختلف عن مفهوم الديانات التوحيدية فالخالق الأعظم في منظور أرسطو و أفلاطون لم يكن على إطلاع بكل شيء ولم يظهر نفسه للبشر عبر التاريخ ولم يخلق الكون و سوف لن يحاسبهم عند الزوال وكان أرسطو يعتبر فكرة الدين فكرة لاترتقي إلى مستوى الفلسفة.



يمكن تقسيم الفلسفة اليونانية القديمة بصورة عامة إلى مرحلتين:

مرحلة ماقبل سقراط التي إتسمت برفضها للتحليلات الميثولوجية التقليدية للظواهر الطبيعية وكان نوع التساؤل في حينها ( من أين أتى كل شيء ؟) وهل يمكن وصف الطبيعة بإستعمال قوانين الرياضيات وكان من اشهرهم طاليس الذي يعتبره البعض أول فيلسوف يوناني حاول إيجاد تفسيرات طبيعية للكون و الحياة لاعلاقة لها بقوى إلهية خارقة فعلى سبيل المثال قال ان الزلازل ليس من صنيعة إله وإنما بسبب كون الأرض اليابسة محاطة بالمياه وكان أناكسيماندر ايضا من ضمن هذا الرعيل وكان يؤمن بالقياسات و التجربة والتحليل المنطقي للظواهر وكان يعتقد ان بداية كل شيء هي كينونة لامتناهية وغير قابلة للزوال و تتجدد بإستمرار ، من الفلاسفة الآخرين في هذا الجيل ، بارمنيدس ، ديمقراطيس ، أناكسيمين ميلتوسي [].
مرحلة سقراط و مابعده والتي تميزت بإستعمال طريقة الجدل و المناقشة في الوصول إلى تعريف و تحليل و صياغة أفكار جديدة وكان هذا الجدل عادة مايتم بين طرفين يطرح كل طرف فيهما نظرته بقبول او رفض فكرة معينة وبالرغم من ان سقراط نفسه لم يكتب شيئا ملموسا إلا ان طريقته أثرت بشكل كبير على كتابات تلميذه أفلاطون ومن بعده أرسطو .من وجهة نظر أفلاطون فإن هناك فرقا جوهريا بين المعرفة و الإيمان فالمعرفة هي الحقيقة الخالدة أما الإيمان فهو إحتمالية مؤقتة [] أما أرسطو فقد قال إنه لمعرفة وجود شيء ما علينا معرفة سبب وجوده و وجود او كينونة فكرة الخالق الأعظم حسب أرسطو هو فكرة التكامل والمعرفة على عكس فكرة المخلوق الباحث عن الكمال ولتوضيح فكرته أورد أرسطو مثال التمثال وقال ان هناك أسباب لوجود تمثال :
اسباب مادية مرده إلى المادة التي صنع منها التمثال.
اسباب غرضية مرده إلى الغرض الرئيسي من صنع التمثال.
اسباب حرفية مرده الشخص الذي قام بصنع التمثال.
اسباب إرضائية مرده الحصول على رضا الشخص الذي سيشتري التمثال [].
إستفاد أرسطو من نظرية سقراط القائلة إن كل شيء غرضه مفيد لابد ان يكون نتيجة لفكرة تتسم بالذكاء و إستنادا إلى هذه الفكرة إستنتج أرسطو ان الحركة وإن كانت تبدو عملية لا متناهية فإن مصدرها الثبات وإن هذه الكينونة الثابتة هي التي حولت الثبات إلى حركة وهذه الكينونة الأولية هي إنطباع أرسطو عن فكرة الخالق الأعظم لكن أرسطو لم يتعمق في كيفية و غرض منشأ الكون من الأساس [].


الفلسفة اليونانية في الفلسفة الإسلامية المبكرة

في العصر الذهبي للدولة العباسية و تحديدا في عصر المأمون بدأ العصر الذهبي للترجمة و نقل العلوم الإغريقية و الهلنستية إلى العربية مما مهد لانتشار الفكر الفلسفي اليوناني بشكل كبير و كانت المدرسة الفلسفية الكثر شيوعا خلال العصر الهلنستي هي المدرسة الإفلاطونية المحدثة Neoplatonism التي كان لها أكبر تأثير في الساحة الإسلامية في ذلك الوقت . تحاول الفلسفة الإفلاطونية المحدثة التي أحدثها أفلوطين اساسا الدمج بين الفكر الأرسطي و الأفلاطوني و التوفيق بينهما ضمن إطار معرفي واحد و تصور وحيد لعالم ماتحت القمر و ما فوق القمر . الأفلاطونية المحدثة أيضا ترتبط ارتباطا وثيقا بالمفاهيم الغنوصية التي تتوافق مع بعض أفكار الديانات المشرقية القديمة . أهم تجليات هذه الأفلاطونية المحدثة و الغنوصية تجلت في أفكار أخوان الصفا في رسائلهم و التي شكلت الإطار الفكري المرجعي للفكر الباطني .
لاحقا بدأت تظهر من جديد عملية فصل للمدرستين الإفلاطونية و الأرسطية ، حيث ظهر العديد من العجبين بقوة بناء النظام الفكري الأرسطي و قوة منطقه و استنتاجه و كان أهم شارحيه و ناشري المدرسة الأرسطية هو ابن رشد ، لم تعدم الاسحة الإسلامية أيضا انتقال بعض الأفكار الشكوكية التي عمدت إلى نقد الأفكار الميتافيزيقية الإسلامية و كانت تبدي الكثير من الأفكار التي توصف بالإلحاد حاليا اهمهم : ابن الراوندي و محمد بن زكريا الرازي .



[]الهرمسية و الإفلاطونية المحدثة

أول ما وجد في منطقة الشرق الأدنى (سوريا و العراق و مصر) بعد دخول الإسلام من دراسات فلسفية كانت الثقافة الهيلينية التي كانت تسيطر عليها الإفلاطونية المحدثة إضافة إلى الهرمسية التي كانت مختلطة بجماعات الصابئة في حران و عقائد و أفكار المانوية و الزرادشتية . تشكل الهرمسية و الإفلاطونية المحدثة مجموعة رؤى هرمسية و إطار فلسفي لرؤية كونية غنوصية أو تدعى احيانا يالعرفانية . تنسب الهرمسية كعلوم و فلسفة دينية إلى هرمس المثلث بالحكمةالناطق باسم الإله .غير ان العديد من البحاث الحديثة (أهمها دراسة فيستوجير) تؤكد أن تلك المؤلفات الهرمسية ترجع إلى القرنين الثاني و الثالث للميلاد و قد كتبت في مدينة الإسكندرية من طرف أساتذة يونانيين . و بشكل عام تقدم الرؤية الهرمسية تصورا بسيطا عبارة عن إله متعال منزه عن عن كل نقص و لا تدركه الأبصار و لا العقول . بمقابله توجد المادة و هي أصل الفوضى و الشر و النجاسة . أما الإنسان فهو مزبج جسم مادي غير طاهر ، يسكنه الشر و يلابسه الموت ، وجزء شريف أصله من العقل الكلي الهادي هو النفس الشريفة . تتصارع في الإنسان جزءاه الطاهر و النجس و تتصارع فيه الهواء بين رغبة بالالله و رغبة في الشر لذلك جاء الإله هرمس ليقوم بالوساطة بين الإنسان و الإله المالله بتوسط العقل الكلي الهادي ليعلم الناس طريق الخلاص و الاتحاد بالاله المالله (و هنا يحدث الفناء في مصطلح الصوفية) . لكن هذا الطريق صعب لا يتحمله إلا النبياء و الأتقياء و الحكماء . النفس كائنات إلهية عوقبت بعد ارتكابها إثم لتنزل و تسجن في الأبدان و لا سبيل لخلاصها إلا بالتطهر و التأمل للوصول إلى المعرفة ، هذه المعرفة لا تتم عن طريق البحث و الاستدلال بل عن طريق ترقي النفس في المراتب الكونية و العقول السماوية .
عدم الفصل بين العالم العلوي و العالم السفلي ، و قدرة النفس على التواصل مع العقول السماوية و الإله المالله ، إلهية النفس البشرية و شوقها للاتحاد و الاندماج في الاله او حلول الاله في العالم ، وحدة الكون و تبادل التأثير بين مختلف الكائنات (نباتات ، حيوانات ، إنسان ، اجرام سماوية سبعة أو الكواكب ) ، الدمج بين العلم و الدين و عدم الاعتراف بسببية منتظمة في الطبيعة ، دراسة العناصر و تحولاتها بشكل ممتزج مع السحر و التنجيم (أصول الخيمياء) : كل هذا يشكل مباديء الهرمسية و العرفانية و تشكل الأفلاكونية المحدثة عن طريق العقول السماوية العشرة و نظرية الفيض التي تنتقل من خلالها المعرفة من العقل الأول إلى الإنسان و بالعكس الإطار الفلسفي لهذه الأفكار.



[]فلسفة أرسطو

لم يدخل أرسطو إلى الساحة العربية الإسلامية إلا بعد حملة الترجمة التي قام بها الخليفة المأمون . و تذكر المصادر ان أول كتب تمت ترجمته لأرسطو كان كتاب "السماء و العالم" من قبل يوحنا البطريق عام 200 ه* لكن حنين بن اسحاق اضطر إلى إعادة ترجمتها عام 260 ه* و يمكن اعتبار بداية دخول أرسطو الحقيق تمت على يد حنين و ابنه اسخاق سنة 298 ه* . أما أرسطو المنحول فقد دخل عن طريق كتاب "أتولوجيا" الذي ترجمه ابن ناعمة الحمصي عام 220 ه* . و يبدو أن ابن المقفع و ابنه محمد قد قاما أيضا بترجمة بعض كتب أرسطو مثل كتب الأرغانون و كتاب التحليلات الأولى و كتاب المنطق لفورفوريوس . و يؤكد بول كراوس أنه لم يتم خلال الفترة الأولى قبل المامون ترجمة أي شيء عدا الأجزاء الثلاثة الأولى من الأرغانون التي تتناول المنطق فقط دون الفلشفة الولى و الطبيعة على عادة المسيحيين السريان ، لكن حركة الترجمة في عصر المأمون مددت ذلك لتشمل كتب أرسطو غير المنطقية . و يكفي أن نعرف ان كتاب التحليلات الثانية او البرهان لم يترجم للعربية إلا في القرن الرابع الهجري على يد أبي بشر متى عام 328 ه* [].


[]تاريخ الفلسفة في العالم الإسلامي

[]علم الكلام و المعتزلة

كان علم الكلام مختصا بموضوع الإيمان العقلي بالله وكان غرضه الإنتقال بالمسلم من التقليد إلى اليقين و إثبات أصول الدين الاسلامي بالأدلة المفيدة لليقين بها. علم الكلام كان محاولة للتصدي للتحديات التي فرضتها الالتقاء بالديانات القديمة التي كانت موجودة في بلاد الرافدين أساسا (مثل المانوية و الزرادشتية و الحركات الشعوبية) وعليه فإن علم الكلام كان منشأه الإيمان على عكس الفلسفة التي لا تبدأ من الإيمان التسليمي ، أو من الطبيعة ، بل تحلل هذه البدايات نفسها إلى مبادئها الأولى ] . هناك مؤشرات على إن بداية علم الكلام كان سببه ظهور فرق عديدة بعد وفاة الرسول محمد ،ومن هذه الفرق: []:
المعتزلة (القدرية) لإنكارهم القدر.
الجهمية (الجبرية) أتباع جهم بن صفوان كانوا يقولون إن العبد مجبور في أفعاله لا اختيار له.
الخوارج
الزنادقة
الاشاعرة والماتريدية والصوفية والسلفية.
الامامية والزيدية والاسماعيلية
الاباضية []
كان نشأة علم الكلام في التاريخ الإسلامي نتيجة ما إعتبره المسلمون ضرورة للرد على ما إعتبروه بدعة من قبل بعض "‏الفرق الضالة" وكان الهدف الرئيسي هو إقامة الأدلة وإزالة الشبه ويعتقد البعض إن جذور علم الكلام يرجع إلى الصحابة و التابعين ويورد البعض على سبيل المثال رد ابن عباس و ابن عمر و عمر بن عبد العزيز والحسن بن محمد ابن الحنفية على المعتزلة، ورد علي بن أبي طالب على الخوارج و رد إياس بن معاوية المزني على القدرية والتي كانت شبيهة بفرضية الحتمية. كان علم الكلام عبارة عن دراسة "أصول الدين" التي كانت بدورها تتمركز على
محاور رئيسية وهي: []
الالوهية: البحث عن اثبات الذات و الصفات الالهية.
النبوة: عصمة الأنبياء و حكم النبوة بين الوجوب عقلاً، وهو مذهب المعتزلة و الجواز عقلاً، وهو مذهب الاشاعرة.
الامامة: الآراء المتضاربة حول رئاسة العامة في أمور الدين و الدنيا لشخص من الاشخاص نيابة عن النبي محمد.
المعاد: فكرة يوم القيامة و إمكان حشر الاجسام. ويدرج البعض عناوين فرعية أخرى مثل "العدل" و "الوعد" و "الوعيد" و "القدر" و "المنزلة" [].


[]دور الكندي في الفلسفة

كان يعقوب بن اسحاق الكندي (805 - 873) أول مسلم حاول استعمال المنهج المنطقي في دراسة القرآن ، كانت أفكار الكندي متأثرا نوعا ما بفكر المعتزلة ومعارضا لفكر أرسطو من عدة نواحي . نشأ الكندي في البصرة و إستقر في بغداد وحضي برعاية الخليفة العباسي المأمون، كانت إهتمامات الكندي متنوعة منها الرياضيات و العلم و الفلسفة لكن إهتمامه الرئيسي كان الدين [].
بسبب تأثره بالمعتزلة كان طرحه الفكري دينيا وكان مقتنعا بأن حكمة الرسول محمد النابعة من الوحي تطغى على إدراك وتحليل الإنسان الفيلسوف هذا الرأي الذي لم يشاركه فيه الفلاسفة الذين ظهروا بعده . لم يكن إهتمام الكندي منصبا على دين الإسلام فقط بل كان يحاول الوصول إلى الحقيقة عن طريق دراسة الأديان الأخرى وكانت فكرته هو الوصول إلى الحقيقة من جميع المصادر ومن شتى الديانات و الحضارات [].
كان الخط الفكري الرئيسي للكندي عبارة عن خط ديني إسلامي ولكنه إختلف عن علماء الكلام بعدم بقاءه في دائرة القرآن و السنة وإنما خطى خطوة إضافية نحو دراسة الفلسفة اليونانية وقام بإستعمال فكرة أرسطو والتي كانت مفادهاان الحركة وإن كانت تبدو عملية لا متناهية فإن مصدرها الثبات وإن هذه الكينونة الثابتة هي التي حولت الثبات إلى حركة فقام الكندي بطرح فكرة مشابهة ألا وهي إن لا بد من وجود كينونة ثابتة وغير متحركة لتبدأ نقطة إنطلاق حركة ما. كان الكندي لحد هذه النقطة موافقا لأرسطو ولكنه ومن هذه النقطة أدار ظهره لفكر أرسطو ولجأ إلى القرآن لتكملة فكرته عن الخلق و النشوء وإقتنع بأن الله هو الثابت وإن كل المتغيرات نشأت بإرادته [].
لكن الفلسفة التقليدية اليونانية كانت لاتعترف بهذه الفكرة على الإطلاق وعليه فإن الكندي حسب تعريف المدرسة الفكرية اليونانية لايمكن وصفه بفيلسوف حقيقي ولكنه كان ذو تأثير على بداية تيار فكري حاول التناغم بين الحقيقة الدينية و الميتافيزيقيا [].
و في عصره (عصر المعتصم) سيحاول الكندي أن ينخرط في معركة "نصرة العقل" ضد أفكار الهرمسية و الأفلاطونية المحدثة لذلك سنجده يؤلف "الرد على المنانية و المثنوية" و سيرفض نظرية الهرمسية و الأفلاطونية المحدثة عن وجود جملة من العقول السماوية (و هي الطريقة التي تجعل بها الهرمسية وسائط بين العقل الكلي أو العقل العاشر الفعال و الإنسان ) و هي أساس نظرية الفيض التي تجعل معرفة الإنسان قابلة للحصول عن طريق الفيض أو الغنوص ]. يرفض الكندي هذا الاتصال و يميز بين "علم الرسل" الذي يحدث عن طريق الوحي (الوسيلة الوحيدة بين الله و الإنسان ) و "علم سائر البشر" الذي لا يحدث إلا عن طريق البحث و الاستدلال و الاستنتاج . في مجال الوجود و على عكس الفلاسفة اللاحقين سيتنى الكندي فكرة "حدوث العالم" مستندا إلى مجموعة من المفاهيم الأرسطية : فجرم العالم متناه و الزمان متناه أيضا و الحركة متناهية ، إذا العالم متناه و محدث : حسب تعبير الكندي : " الله هو العلة الأولى التي لا علة لها الفاعلة التي لا فاعل لها المتممة التي لا متمم لها ، المؤيس الكل عن ليس و المصير بعضه لبعض سببا و علة " . و واضح هنا أن أثر الثقافة الإسلامية واضح في كلام الكندي الذي لم يصله الكثير بعد من ترجمات كتب أرسطو .
إضافة لذلك يقرر الكندي أن الحقيقية الدينية و الحقيقة الفلسفية واحدة فلا تناقض بينهما ، غير أن ظاهر النص قد يوحي ببعض الاختلاف إذا لم يعمل العقل في مجال تأويل معقول .
بالمقابل سيؤلف الكندي "رسالة في الفلسفة الأولى" ليهديها إلى الخليفة المعتصم و هي بمجملها تخطئة لموقف الفقهاء و المتكلمين من علوم الأوائل (الفلسفة) و الدعوة إلى الاستفادة لما ورد في علوم الأوائل من علوم مفيدة . الرسالة بمجملها تعتبر دفاعا عن الفلسفة وسط حالة الرفض لكل ما هو أجنبي لكنها لاترقى إلى تأسيس فهم و ترسيخ الفكر الأرسطي بشكل واضح [].



[]دور الرازي في الفلسفة

تميز الجيل الذي ظهر بعد الكندي بصفة أكثر حزما وراديكالية ، فكان أبو بكر الرازي (864 - 923) الذي وصف بكونه ذو تيار فكري رفض إقحام الدين في شؤون العقل ورفض في نفس الوقت نظرة أرسطو للميتافيزيقيا وكان فكره أقرب إلى الغنوصية أو (العارفية) حيث قال الرازي إن من المستحيل ان يكون منشأ المادة عبارة عن كينونة روحية ورفض الرازي ايضا فكرة والتي كانت مفادهاان الحركة وإن كانت تبدو عملية لا متناهية فإن مصدرها الثبات ورفض في نفس الوقت تحاليل علماء الكلام عن الوحي و النبوة [].
كان الرازي مقتنعا إن التحليل العقلي و المنطقي هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى المعرفة وعليه فإن الكثير من المؤرخين لايعتبرون الرازي مسلما بالمعنى التقليدي للمسلم ويرى الكثيرون انه كان الإنعطافة الحقيقية الأولى نحو الفلسفة و الفيلسوف كما كان يعرف في الحضارة اليونانية. كان الرازي طبيبا بارعا ومديرا لمستشفى في الري في إيران وكان جريئا في مناقشة التيار الفكري الذي سبقه وكان مؤمنا إن الفيلسوف الحقيقي لايستند على تقاليد دينية بل يجب عليه التفكير بمنآى عن تأثير الدين وكان مقتنعا إن الإعتماد على الدين غير مثمر لإختلاف الأديان المختلفة في وجهات النظر حول الخلق وماهية الحقيقة [].
أكبر نقد تم توجيهه إلى الرازي كان نقدا عميقا جدا بالرغم من بساطته و النقد البسيط العميق كان إذا كانت الفلسفة الطريقة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة فماذا عن عامة الناس او الناس البسطاء الغير قادرين على التفكير الفلسفي هل يعني هذا بأنهم تائهون للابد ، يأتي أهمية هذا النقد بسبب كون الفلسفة في المجتمع الإسلامي ولحد هذا اليوم مرتبطة بطبقة النخبة وباشخاص إتسموا بذكاء عالي وهذا كان مناقضا لمفهوم الأمة الإسلامية الواحدة والأفكار الروحية المفهومة من قبل الجميع وليس البعض [].
(منقول)
تحياتي,,,.......
رد مع اقتباس