عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم November 14, 2009, 01:59 PM
 
أزمة العبارة سالم إكسبريس

العبارة سالم إكسبريس

طالما أن هناك بحر وهناك سفن مبحرة فستظل الحوادث من حريق إلي غرق موجودة مهما كانت احتياطات الأمن، فالسلامة والأمن هنا هدفهما التقليل من أسباب الحوادث وتحجيم الخسائر الناجمة عنها.

ومن الحوادث البحرية الشهيرة حادث غرق العبارة سالم اكسبريس وغرق العبارة السلام بوكاتشيو 98 وكلتاهما في منطقة واحدة هي البحر الأحمر وإن كانت الأولي قرب ميناء سفاجا البحري والثانية في منتصف البحر بين مينائي ضبا السعودي وسفاجا المصري.

والشبه بين الحادثين يتمثل في أنهما سفينتا ركاب وأنهما كانتا تعملان بين الموانئ السعودية والمصرية وأن الخسائر البشرية فيهما كانت جسيمة وأن الإنقاذ تأخر كثيراً في كلتا الحالتين وأن ميناء سفاجا والغردقة بالرغم من مرور 15 عاماًَ بين الحادثين فإن الموانئ والسلطات وأجهزة الأمن والإنقاذ والإسعاف ونقل الجثث لم تكن على المستوي المطلوب.

وسنتناول هنا الحادث الأول باعتبار أن الثاني ما زال مطروحآ أمام القضاء وإن صدر فية حكم بالإدانة ضد مالك العبارة وآخرين من محكمة أول درجة، فلا يجوز التعليق عليه من جانبنا قبل كلمة القضاء الأخيرة فى الدرجة الثانية من التقاضى.

· في الساعة الحادية عشرة والربع من مساء يوم 14/12/1991 وقعت الكارثة البحرية المفجعة حين اصطدمت العبارة " سالم إكسبريس " والتي ترفع علم دولة " بنما " والمملوكة لشركة " سما تورز " للملاحة بحقل للشعاب المرجانية على مسافة بضعة كيلومترات من ميناء سفاجا البحري وانشطرت إلي نصفين وغرقت وسط صياح من عليها من ركاب رغم محاولاتهم المستميتة للنجاة وسط الأمواج العاتية.

· وكان ربان السفينة الربان/ " حسن مورو " وهو ربان أعالي بحار - مشهود لة بالكفاءة - قد أبلغ ميناء سفاجا حوالي الساعة الحادية عشر مساءً بأنه سيدخل منطقة الشمندورات خلال نصف ساعة.

· وبعد حوالي خمس دقائق من الاتصال الأول أبلغ ميناء سفاجا بنفسه في آخر رسالة له أنه يعاني من جنوح السفينة نتيجة اصطدامها بالشعاب المرجانية الموجودة في جنوب الميناء على بعد 16 كيلو متر من الميناء وأنه يتعرض للغرق وطلب الإنقاذ والنجدة الفورية نظراً لاندفاع الماء داخل السفينة وميلها 14 درجة تماماً.

· على الرغم من وضوح إشارة الاستغاثة وضرورة التحرك الفوري لإنقاذ الركاب وذلك في الحادية عشر والربع مساءً إلا أن أولي عمليات الإنقاذ بدأت في الساعة الثامنة صباح اليوم التالي أي أن الركاب ظلوا في درجة حرارة مياه تصل إلي خمس درجات مئوية ليلا .. تركوا أكثر من تسع ساعات كاملة معرضين للمياه الباردة والرياح العاتية مع عدم وجود أدوات إنقاذ (العبارة لم يتم إخلاؤها بالطريقة الطبيعية بنزول القوارب والرماثات ولكنها أحتكت بالشعاب المرجانية وتدفقت المياه داخلها ثم غرقت في أقل من ربع ساعة)، وكانت العبارة تحمل 624 راكباً.

· كان أول اتصال من ميناء سفاجا بمسئول الساعة الثالثة صباحاً (أى بعد ثلاث ساعات كاملة) حين تم إيقاظ محافظ البحر الأحمر وإبلاغه بالحادث.

· دفعت القوات البحرية بثلاثة لنشات للإنقاذ ودفعت القوات الجوية بخمس طائرات من طراز c-130 للقيام بعمليات البحث والإنقاذ ولم يعثر للسفينة على أثر ووجد بعض الركاب الناجين الذين تم نقلهم إلي مدينة سفاجا وكان إجمالي عدد الناجين من الحادث 178 راكباً.

· ومن المعروف أن هذه المنطقة هي منطقة جحيم للمتواجدين بالمياه حيث أنها مليئة بأسماك القرش والباراكودا، وبالرغم من هذا فقد نجت ممرضة العبارة التي ظلت تسبح لمدة ثمانية ساعات كاملة حتى وصلت إلي الشاطئ، ونجا أحد أفراد الطاقم بعد أن ظل يسبح لمدة 35 ساعة كاملة.

· وحتى اليوم الخامس للكارثة كان المشهد الحزين يخيم على مدينة سفاجا وأكثر من 300 جثة تقبع داخل العبارة تحت المياه الباردة بين فكي القرش والباراكودا.

· ثبت أن السفينة تم التفتيش عليها من قبل هيئة الإشراف والتسجيل " لويدز " الإنجليزية وأنه مؤمن عليها وعلى ألاتها والبضائع والركاب، وأنه تم التفتيش عليها من التفتيش البحري المصري قبل سفرها من مصر ومن التفتيش البحري السعودي قبل خروجها من السعودية.

· أما مالك السفينة الحاج/ سالم عبد الرازق فقد ظهر بعد ستة أيام وصرح بأن مسئوليته طبقاً للقانون تتمثل في دفع التعويضات المالية لأسر الضحايا لمن يثبت وفاته بعد تمام الإجراءات وطبقاً لما هو موضح بوثيقة التأمين وهو خمسون ألف جنيه للمتوفى.

· ولم يظهر الحاج/ سالم بعد هذا التصريح ولم يتعقبه أحد فقد أدي ما عليه قانوناًُ، وكذلك فإن ما قام به السيد/ رئيس مجلس الوزراء هو تكليف لجنة بمتابعة صرف تعويضات الضحايا طبقاً للقانون على أن يتم ذلك بعد انتهاء تحقيقات النيابة تماما (وأشير هنا أن كل ما سبق قانوني وطبقاً للأعراف البحرية ولا غبار عليه).

· على الجانب الآخر كانت عدد سيارات الإسعاف المتوافرة 7 سيارات فقط وعدد آسرة المستشفيات المتوافرة 377 سريراً فقط وأنه لا توجد عربات لنقل الموتى إلي جانب التعقيدات الإدارية بنقل جثث المتوفيين وكلهم من الصعيد إلي مشرحة زينهم بالقاهرة لدرجة أن القبطان " حسن مورو " المفتري عليه والذي طالعتنا الصحف لمدة ثلاثة أيام بأنه قفز وترك العبارة وهرب وجُدت جثته في اليوم الثالث وهو يحتضن الضُمان ولم تجد زوجته وذويه غير عربة نصف نقل لنقله إلي مدينة الإسكندرية حيث ووري الثري.

ويذكر أن الدولة فتحت حساب تابع لمعونة الشتاء لصرف تعويضات للضحايا وأن بعض المحافظين صرفوا لمن توفي من محافظاتهم مبلغ مائة جنيه مصري (سوهاج وقنا) ؟؟؟.

ولقد فجرت الكارثة عدة تساؤلات :-
1- هل العلامات الإرشادية بميناء سفاجا كافية ؟ .

2- هل هناك قصور في التفتيش البحري في ج.م.ع وفى المملكة العربية السعودية ؟

3- هل هناك ركاب غير مدرجين على قائمة الركاب المقدمة من ميناء جدة ؟
4- هل تسبب بطء عمليات الإنقاذ إلي تزايد حجم الكارثة ؟ .

5- هل هناك جدوى من استغاثة العبارة ما دامت السلطات لا تستجيب ؟

6- لماذا البطء والضعف في عمليات الإنقاذ في الوقت المناسب لإنقاذ الضحايا؟

7- لماذا لا توجد إمكانيات للإضاءة القوية ليلاً في عمليات الإنقاذ ؟

8- هل صحيح أن مركز البحث والإنقاذ ليست لدية القدرة على العمل ليلاً؟

9- ما هو سبب العجز الشديد في الخدمات الصحية في هذه المناطق على الرغم من أنها أماكن سياحية ؟
10- لماذا يعاني الضحايا وأسرهم جرياً وراء صرف تعويضاتهم ؟

والشئ المؤسف أن الكارثة أثبتت افتقار أجهزة الدولة لوجود خطة طوارئ لمواجهة هذه الكوارث.

الدروس المستفادة من الحادث

1- سرعة الانتهاء من برنامج نشر الفنارات الضوئية والعلامات التحذيرية.

2- ضرورة التزام الربابنة بالسير في الطرقات البحرية المعتمدة على الخرائط.

3- التفتيش البحري الدقيق على السفن بالدورية المطلوبة.

4- توفير نظام اتصالات جيد في المناطق الإستراتيجية.

5- تعديل القانون البحري الذي ينص على الانتظار أربع سنوات للجثث المفقودة حتى يتثني صرف التعويضات في مثل هذه الحالات.

فى إنتظار تعقيبات القارئ عن أسباب إزدياد معدل الكوارث فى المنطقة – وهى كثيرة فى دول المنطقة – وهل تلك الأسباب مردها الى إنعدام المعيار القيمى (الحل والحرم) عند المواطن أم مرجعها الى تقلد المناصب القيادية فى دول المنطقة لأهل الثقة دون أهل الخبرة .. أم هناك أسباب أخرى ترونها..
رد مع اقتباس